كشفت مصادر عربية لـ”أورينت نت” أن وزير الدفاع السوري السابق العماد “علي حبيب” وصل إلى أنقرة قبل يومين، قادماً من العاصمة الفرنسية باريس، وذلك لإجراء مشاورات مع القيادة العسكرية التركية.
حكومة عسكرية موسعة
وأكدت المصادر أنه تم استقبال العماد “حبيب” بشكل رسمي في مطار أنقرة، بحضور نائب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي، ومدير جهاز الاستخبارات التركية الجنرال “حقان فيدان”، لينتقل بعدها العماد “حبيب” إلى مقر إقامة كبار الزوار في “هيئة الأركان” التركية في إحدى ضواحي العاصمة التركية.
وأضافت المصادر أن المسؤولين الأمنيين الأتراك سيبحثون مع “العماد حبيب” في تشكيل حكومة عسكرية موسعة برئاسته بمشاركة عدد كبير من ضباط النظام والضباط المنشقين، وانشاء نواة موسعة لجيش وطني، يتألف من حوالي عشرة آلاف ضابط وجندي كمرحلة أولى.
وأوضحت المصادر أن معظم عناصر الجيش الوطني ستكون من معسكرات الضباط المنشقين التي تحظى بحراسة شديدة في الأردن وتركيا، ومن ضباط موجودين الآن في الخدمة العاملة في جيش النظام، وستستخدم هذه المعسكرات التي يعيش فيها الآن الضباط المنشقون كقواعد عسكرية لتأهيل الجيش الوطني .
وبحسب الخطة، فستنضم إلى هذا “الجيش الوطني” فصائل عسكرية تابعة للجيش الحر، ليس كمنظمات، ولكن كأفراد يجري استيعابهم في إطار الجيش الوطني .
ثمار التنسيق “الروسي التركي”
وتأتي هذه التطورات كأولى ثمار المصالحة التي جرت هذا الشهر بين موسكو وأنقرة، حيث قال وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” اليوم الثلاثاء، إن تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا سيساعد البلدين على إيجاد سبُل مشتركة ذات تأثير أكبر في حل الملف السوري.
تكليف القاهرة بمتابعة ملف “تشكيل الحكومة العسكرية”
كما كشفت المصادر أن روسيا قد كلفت مصر بمتابعة ملف “تشكيل الحكومة العسكرية”، حيث انعقد بالفعل مؤتمر موسع في العاصمة المصرية في شهر كانون الأول من العام الماضي حضره أكثر من أربعين ضابطاً من رتب عالية، ولكن هذا الاجتماع لم يحضره آنذاك العماد حبيب، ولكن المصالحة التركية الروسية نجحت في نقل الملف إلى أنقرة، وكانت المصالحة التركية الروسية قد تسارعت بخطى أدهشت المراقبين فبعد اعتذار القيادة التركية عن عملية اسقاط الطائرة الحربية الروسية تسارعت بعدها الخطوات بشكل ملفت حيث استؤنفت العلاقات التجارية وعاد السياح الروس بالمقابل، ورغم العلاقات المصرية الروسية الجيدة إلا أن موسكو لم تسمح حتى اليوم باستئناف رحلات الطيران التجاري مع مصر وبالتالي غاب السياح الروس عن مصر بعد اسقاط طائرة ركاب تجارية روسية فوق سيناء في عملية تبناها تنظيم الدولة .
وتحاول أنقرة في هذه الخطوة مراعاة كل الحساسيات على الساحة الدولية، فالعماد “حبيب” يحظى بثقة واشنطن الذي تعرفت عليه خلال عملية تحرير الكويت عام 1991، حيث كان قائداً للقوات السورية المشاركة، ورغم هامشية الدور الذي لعبته القوات السورية، وقتها إلا أن العماد حبيب استطاع بناء علاقات جيدة مع نظرائه من العسكريين الأمريكيين ليعود بعدها إلى سوريا ويحظى بترفيعات سريعة حيث عين بعد حرب تحرير الكويت عام واحد وتسعين قائداً للقوات الخاصة السورية ليترفع بعدها متجاوزاً عدد من الضباط ليصبح وزيرا للدفاع، ومع بداية الاحتجاجات في سوريا جرت الاطاحة به لمصلحة العماد المسيحي “داوود راجحة” الذي قتل خلال الانفجار الغامض الذي اودى بعدد كبير من الشخصيات العسكرية والامنية في ما يعرف بخلية الازمة .
موسكو حسمت أمرها
وكانت مصادر تحدثت في فترة سابقة عن عروض روسية بتنحية بشار لمصلحة اعطاء دور كبير لماهر الأسد لضمان تأييد العلويين لهذه الخطوات، ولكن موسكو حسمت أمرها على ما يبدو على اسم العماد “علي حبيب” كونه علوي، ويحمل رتبة عسكرية أعلى، إلى جانب أنه قد يكون مقبولاً على نطاق واسع لدى جمهور المعارضة، إذ رفض انخراط القوات المسلحة في قمع الاحتجاجات الشعبية وحذر من خطورة ادخال الجيش إلى المدن ولديه حتى الآن اتصالات واسعة في أوساط الضباط العلويين.
الهيئة العليا للتفاوض
وستتم دعوة عدد من الضباط رفيعي المستوى الذين انشقوا عن جيش النظام، وقد طلب إلى بعضهم بإنهاء مشاركته في الهيئة العليا للتفاوض، والانتقال على وجه السرعة إلى أنقرة وهو ما سيحدث في الاجتماع القادم للهيئة العليا.
وسيمكث العماد حبيب في أنقرة ليومين اضافيين، قبل أن ينتقل إلى موسكو لبحث نفس الموضوع مع المسؤولين الروس، وقد سبقه إلى موسكو رجل الأعمال “خالد المحاميد” الذي يتوقع أن يكون دوره ترويج الفكرة وضمان مشاركة الضباط من المنطقة الجنوبية.
من جهتها، أكدت مصادر سورية عليمة بهذه التطورات، أن اجتماعاً كبيراً سيعقد في أنقرة التي يعود إليها العماد حبيب في نهاية الشهر الجاري، أو أوائل الشهر القادم، وقد دعي أيضاً رئيس المخابرات العامة الأردنية لحضور هذا الاجتماع.
الأسد يجري تغييرات وتنقلات احترازية
وتقول مصادر مطلعة في دمشق أن الروس أبلغوا بشار الأسد بخطواتهم خلال زيارة وزير الدفاع الروسي المفاجئة إلى دمشق، وتضيف المصادر أن الأسد شكك بهذه الخطوة وطلب الاطلاع على المزيد من الأسماء المقترحة في جانب قوات النظام بهذه الحكومة العسكرية.
وتشير المصادر إلى أن هذه التطورات أحدثت قلقاً لدى الأسد؛ والذي أجرى بدوره تغييرات وتنقلات احترازية وسط الجيش وأجهزة الأمن ربما من أبرزها اقالة قائد قوات الحرس الجمهوري “علي ضرغام” واستبداله باللواء “طلال مخلوف”.
يشار أن الخلاف بين بشار الأسد والعماد علي حبيب بدأ منذ بداية الثورة، حين رفض الأخير دخول الجيش إلى مدينة حماة، وتمرد أجهزة المخابرات على قراراته كوزير للدفاع، وما أن تطورت الاحداث السورية حتى أزاحه عن الواجهة العسكرية.
وكان العماد “علي حبيب” قد تخرج من الكلية الحربية عام 1962، برتبة ملازم وشارك بحرب تشرين كقائد لسريه في اللواء 58 ومن ثم دخل مع القوات السورية إلى لبنان، وشارك في اقتحام بيروت الشرقية وأسر من قبل الجيش الإسرائيلي لمدة ثلاث أيام، وفي حرب الخليج كان العماد حبيب قائد للقوة السورية المشاركة في الحرب التي خرج منها حبيب بعلاقات جيدة مع السعودية.
وفي عام 1994 عين قائداً للقوات الخاصة حتى تم تعيينه نائبا لرئيس هيئة الأركان عام 2002، وفي عام 2004 عين رئيسا لهيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة، ونائبا للقائد العام للجيش والقوات المسلحة وعين وزيرا للدفاع في عام 2009.
المصدر : اورينت نيوز