زيتون – أسامة عيسى
تصادف أول أيام عيد الفطر السعيد، اليوم الأربعاء، مع دموع كبيرة ذرفتها “أم خالد” المقيمة في ريف درعا، بعد أن قضى اثنين من أولادها شهيدان، الأول برصاص الأسد، والآخر برصاص داعش، حيث لاشيء يوازي الغياب إلا الألم والدموع كما تقول.
بجانب “أم خالد” كانت حرقة كبيرة في قلب “أم حسين خ.”، النازحة من حمص في ريف درعا الشرقي، والتي اضطرت لبيع عدد من مفروشات البيت لتشتري ملابس لأولادها الصغار، الذين أبوا إلا أن يشعروا ولو من حيث المظهر بشيء اسمه “عيد”، إنه “عيد ضربنا في أعماقنا، جرح الفؤاد وأدمى القلوب وأبكانا من الدموع دم” كما تردف والدموع جفت على وجنتيها.
الناشط وسام حوراني، يقول لـ”زيتون”: العيد غاب اليوم عن كل مظاهر الحياة في أرياف درعا المحررة ومدينتها، فيما ترزح مناطق أخرى تحت حكم داعش، حيث باتت مظاهر العيد من أمنيات الأولاد والناس القاطنين فيها، فيما الحال نفسه من حيث المبدأ كان في مناطق سيطرة النظام بأحياء مدينة درعا”.
ويضيف الحوراني: “هناك منظمات إغاثية عديدة قامت بمحاولة رسم جانب من البسمة على شفاه أولاد الشهداء واليتامى، عبر تأمين جزء من مستلزمات العيد، لكن الحال لم يتغير، فالألم أعمق من أن تداويه النقود، حيث وبنظرة سريعة على وجوه الناس يمكنك أن تعلم أن هناك أزمة خانقة تصادف الجميع وليس عيد، بينما المقابر التي غصت بجموع الزائرين لأضرحة الشهداء والموتى عامل أخر يبعث في المرء مزيداً من الشعور بالألم”.
بدورها، تقول هبة مسلماني لـ”زيتون”، وهي ناشطة متطوعة بأحد المنظمات المعنية بالطفولة بريف درعا، “نحن لا يمكننا بحال أن نصنع العيد لأن العيد يكون بلمة الأهل والخلان وخلاص الناس من الحرب وظلماتها”.
وتردف “قد لا تسعفني الكلمات كثيراً لكي أستطيع التعبير عما يجول بخاطري جراء ما رأيته من حرقة في عيون الأطفال اليوم، ولكن كل ما أتمناه أن ينعم كل أهل سوريا وأطفالها خصوصاً بلا استثناء بأيام الفرح والمحبة، بعد أن فقدوا في هذا اليوم المبارك اليد الحانية التي اعتادت ربما أن تمسح على رؤوسهم، من أبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وخلانهم، وتُطيّب خاطرهم في صباح العيد، ولو بشكل معنوي”.
ويؤكد فايز الباير، وهو نازح من القنيطرة في شمال درعا، أنه لم يخرج من بيته في صباح العيد، بل فقط أدى الصلاة وزار المقبرة ورجع للبيت، ويردف “والله إن الرجال تبكي اليوم وليس الأطفال والنساء، وكأن الله كتب علينا أن نحيي العيد من خلال الدموع. العيد الذي اعتدنا فيه أن نرى أهلنا أصبحنا نتحدث إليهم عبر الانترنت بعد أن باتوا موزعين في الدول التي اشتركت كلها في المؤامرة علينا”.
إذاً هو خامس عيد في سوريا وصوت المدافع لا يعلو عليها صوت، وأزيز الطائرات لم تهدأ هناك، خامس عيد وصوت الرصاص أزاح عن السماء أصوات العصافير وضحكات الأطفال ولهوهم ومرحهم العفوي الملائكي البريء، فيما يصر السوريون على أن يحلموا بغد أفضل، يقولون إنهم سينعمون فيه بالحرية المضمخة بدمائهم، حيث لا رجعة عن مطالبهم التي خرجوا من أجلها.