زيتون – ياسمين محمد
بات اصطلاح الـ»سوسيال»، أو اللفظ كما هو في اللغة السويدية المستوحاة من الإنكليزية «Social»، غير محبباً في الغالب لدى فئة كبيرة من بناء الجاليات العربية، لا سيما اللاجئين السوريين، الذي قدموا إلى السويد بالآلاف خلال سنوات الحرب، فاصدموا كما يقولون بواقع حياة جديدة لم يعتادوا عليها من قبل.
ويعني الـ»السوسيال» في الاصطلاح العام «مجلس الخدمات الاجتماعية» في مملكة السويد، وهو جهة حكومية محلية مهمتها الإشراف على النظام الأسري للعائلة فيما يخص الفئات المستضعفة، لا سيما الأطفال غير البالغين من هم دون سن الـ18 عاماً، ذكوراً وإناثاً، بالإضافة إلى غير المصحوبين منهم بذوي، والذين لا ذوي لهم، حيث يتم التعامل معهم من قبل هذه الجهة فقط، كما يمتد شمولها في الحماية لكافة الأطفال الذين يتعرضون لأي فعل من قبيل التجاوز على القوانين الناظمة لعلاقة الأبوة والبنوة في السويد، الأمر الذي تفرّع عنه إشكالات عديدة مع المهاجرين، لا سيما الآباء منهم وأرباب الأسر، وعلى رأسهم السوريين.
محاسن سهيل، وهي لاجئة من حلب، تقيم في إحدى المناطق القريبة من مدينة مالمو جنوب السويد، تقول إن «السوسيال» انتزع منها ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً منها، بعد أن اعترضت على طريقة سلوكها، فقامت الأم بضربها، فما كان من الطفلة إلا أن أبلغت «السوسيال» عن طريق آنستها في المدرسة، ليتطور الأمر إلى خلاف بين الأم والجهة المذكورة، تطور إلى كلام حول أحقيتها في تربية ابنتها على الطريقة التي تريد، ما أدى لقرار سريع من السوسيال بسحب البنت من المنزل ووضعها في مخيم خاص بعيد عنها قرابة 80 كلم.
وتضيف محاسن: لا أرى أني ارتكبت جريمة إذا كانت ابنتي قد أخلت بسلوكها فقمت بنهرها وضربها كف على وجهها، إلا فهل المطلوب مني أن أصمت وأنا أرى ابنتي تنهار تربيتها أمام عيني في هذا البلد الذي أتينا إليه مرغمين!؟ لا لست ضد حضارتهم ولا تقدمهم لكن لدينا أصول نحن وعلينا أن نراعيها، هم لا يقدرون ذلك اعتروا أنني ارتكبت كارثة كبرى بضرب ابنتي، مع إني شرحت لهم الموقف.. ولكن عبث.
ويرى سمير خطاب، وهو لاجئ من ريف دمشق مقيم في كامب في مقاطعة كالمار جنوب السويد أيضاً، أنه تعرض لبلاغ إنذار من «السوسيال»، بعد أن وصل إلى علم مسؤولي الكامب الذي يعيش فيه أنه أقدم على ضرب ابنه ذي الـ11 عاماً، نتيجة ارتكابه سلوكاً خاطئاً كما يقول، ويضيف: هذا ابني ومن حقي أن أربيه، أنا ضد الضرب ولم أضرب أولادي ضرباً مبرحاُ بحياتي، لكن الولد بحاجة لتأديب إذا زل عن الطريق، وهنا يزال الولد وعليك أن تبقى متفرجاً وإلا فالسوسيال سيكون بانتظارك وقد يكلفك الأمر أن يغادر ابنك بيتك بكل بساطة، إذا ما تعرض للضرب أو التهديد مرة أخرى.. إنه حال مأساوي بالفعل..أنا كأب لا أعلم ماذا أفعل.
بالمقابل، ترى ياسمين حوراني، وهي ناشطة ومتطوعة في السويد، من سوريا، أن أنظمة الحماية التي تبعها البلد المضيف لا تتعارض مع الأحكام الواردة في القوانين السورية، وتضيف: حتى في سوريا إن ضربك لزوجتك أو ابنك يعرضك للمسائلة، لكن الفرق بين هنا وسوريا هو في الثقافة وتطبيق القانون نفسه. في سوريا كل شيء متغلغل فيه الفساد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أما هنا فالحال يختلف. أنا أرى أن هذه القوانين ليست وسيلة للفلتان الأسري كما يقولون، بل للحماية الأسرية والمجتمعية معاً.
كما يروي م. خالدي وهو لاجئ ميم في إحدى كامبات العاصمة استكهولوم، أنه قدم إلى السويد مع أخته وشقيقيه، إلا أن «السوسيال» انتزع أخته من غرفته وأخوته في الكامب المشار إليه، وأصبحت تعيش في منطقة أخرى، والسبب كما يقول أنه ضرب أخته في إحدى المرات لكونها جاءت للغرفة في فترة متأخرة من الليل.
ويردف م. معتبراً أن هذا الحال لا يمكن السكوت عليه، أنا مستعد أن أرجع إلى سوريا أو إلى الجحيم على أن أخسر تربية أختي أو حتى ابني المستقبلي، ويتابع بالقول: أقول لكم اسألوا أي شخص موجود في السويد إذا كنت أنا أكذب، إذا كان متزوج وله أولاد.. اسألوه هل يمكنه أن يتجرأ ويضرب طفل من أطفاله أو حتى ينهر به مهما ارتكب الطفل من خطأ، وإذا قال لكم ليس لدي أولاد فاسألوه هل يمكنك أن تفعل ذات الشيء مع زوجتك مثلاً.. إذا قلوا لك نعم لا أعتقد أنا أنه صادق البتة، بل هو يسايرون الأجواء العامة هنا طمعاً في المادة، أي الراتب، أو أنه لا حول له ولاقوة ولا يمكنه فعل شيء مثلي، وإما أن يكون من فئة الذين لا يهمهم أو من لم يعد يهمهم مصير أسرتهم ككل، وهم قلة في العموم..