زيتون – وئام أحمد
لم يكن زياد رستم – المقيم حالياً في في مخيم الزعتري والبالغ من العمر 41 عاماً من أصحاب رؤوس الأموال، بل كان مواطناً بسيطاً، تملأ النخوة والحميّة شراينه، ورغم فقره وقلة حيلته، إلا أنه يمد يد العون لإخوته السوريين داخل المخيم.
رحلة اللجوء
يعود زياد بشريط الذكريات إلى الوراء ويقول:اضطررت إلى الفرار بزوجتي وأطفالي الستة أواخر العام 2011 من قريتي الجبلية الجميلة «الزارة» إحدى قرى تلكلخ بريف حمص، بعد تعرضها لقصف من قوات الأسد من جهة، وتعرض أبنائها للخطف والذبح من قبل شبيحة القرى الموالية المحيطة من جهة أخرى؟
ويضيف زياد: لم أجد أمامي سوىدمشق، والتي كانت تعيش ظروفاً هادئة نسبياً في حينها، فأقمت في يلدا جنوب العاصمة على أمل العودة إلى قريتي بعد أيام، إلى أن جاء اليوم الذي لن أنساه ما حييت بساعاته ودقائقه..
18/04/2013 وفي تمام الساعة الرابعة إلا عشر دقائق كان الموت قاب قوسين أو أدنى من زياد الذي يقول: بينما كنت في الشارع أنا وعائلتي حصل اشتباك بين الجيش الحر وقوات الأسد ما أدى لمسح رأسي برصاصة تكفلت بغيابي عن الوعي وأدت إلى عجز برجلي اليسرى.
ويتابع زياد : نقلوني على الأثر إلى بلدة إزرعفي درعا لأدخل مشفى ميدانياًهناك لمدة 15يوماً ، تم بعدها نقلي لأحد مشافي عمان، وتكفل رجل سعودي من أهل الخير بعلاجي، طيلة تسعة أشهر، والتي بقيت فيها في المشفى، رغم أنني لا أعرفه ولم أرَ وجهه حتى الآن، وبقيت سنة ونصف عاجزاً عن المشي تماماً، وأتنقل على كرسي متحرك.
الدخول إلى مخيم الزعتري
حاول زياد أن يواجه صعوبة الحياة، وغلاء المعيشة في العاصمة الأردنية، ولكنه لم يصمد سوى بضعة أشهر.
يقول زياد: بقيت عاجزاً عن العمل رغم أنني تمكنت من السير على قدمي بمساعدة عكازتي بعد أشهر طويلة من إصابتي، وبالتالي وصلت إلى عجز تام عن دفع بدل إيجار منزلي الكائن في جبل النزهة في عمّان والبالغ 145 دينار أردني أي ما يعادل 205 دولارات أمريكية.
ويتابع: اتخذت قراري بدخول مخيم الزعتري الذي لا أزال أعيش به حتى هذه اللحظة، فلمست في المخييم آلاف حالات المآسي والعوز، فأغلب عائلات المخيم تعجز عن شراء كيس من السوس أو التمر الهندي وخصوصاً في شهر رمضان المبارك.
ويضيف خالد : بحكم عملي داخل المخيم ببيع مشروبات شهر الصيام، قررت أن أتبرع بعدد من هذه المشروبات لمن هم لا يستطيعون شراءها، ثم تواصل معي عدد من السوريين المقيمين خارج المخيم وتكفلوا بالتبرع بعددٍ لا بأس به من هذه المشروبات لأهل المخيم.
دور المنظمات الإنسانية في مخيمات اللجوء
رغم كثرة المنظمات الإنسانية فهي لا تغطي كافة احتياجات السوريين المقيمين في مخيمات اللجوء.
وهنا يستطرد زياد: المنظمات كثيرة ولكن كثرتها لم تنفع أهل المخيم، فهذه المنظمات تقدم التعليم والطبابة، وبعض أكياس التمر، والقليل القليل من النقود المخزنة في بطاقات «المول»، ولكن ذلك لا يغطي أقل متطلبات الحياة العادية.
ويتابع زياد: أحلم بتشكيل فرقة عراضة لأرسم البسمة على وجوه السوريين داخل المخيم، ولكن مشروعي هذا بحاجة لمن يجعله يقف على قدميه.
ليس زياد سوى مثال عن أخلاق السوريين الذين يشعرون بغيرهم رغم قلة حيلتهم، حيث تدفعهم نخوتهم لمساعدة أبناء جلدتهم، ليؤثروا على أنفسهم وإن كان بهم خصاصة.
وليست حالة زياد الوحيدة بين مئات آلاف الحالاتالمشابهة، فهناك عشرات آلاف السوريين الذين تعرضوا لعجز تام بسبب قصف النظام واستهدافه للمدنيين.
ولاتوجد إحصائية دقيقة حتى هذه اللحظة عن عدد المصابين بسبب محاربة نظام الأسد لشعبه منذ اندلاع الثورة السورية، فآخر إحصائية صادرة عن الائتلاف الوطني تتحدث عن 270 ألف إعاقة دائمة في صفوف السوريين بسبب هذه الحرب حتى عام 2014.