زيتون – مغوار التركماني
وحيداً يجلس في كامبات ألمانيا، بخوف شديد خشية أن يصادف أحداً من أبناء حارته ممن يعلم أنه كان يقاتل إلى جانب نظام الأسد.
خالد (30 عاماً) يروي بصوت مرتجف كيف اضطر إلى الانضمام لمليشيا سهيل الحسن، لعدم تمكنه من إعالة أسرته في سوريا بسبب الحرب.
ويقول خالد: عندما رأيت طفلي ابن العام الواحد يتضور جوعاً لعدم تمكني من شراء علبة حليب واحدة، قررت الالتحاق بكتائب النمر طمعاً بالمال،نعم أصبحت من المرتزقة الذين يتقاضون 80 ألف ليرة سورية مقابل اشتراكهم في جرائم الأسد.
وبدمعة خانته أكد خالد أنه كان يودِّع زوجته وطفله الوداع الآخير في كل مرة يذهب فيها إلى مهمة قتالية.
كان يذهب إلى الخطوط الأمامية ليرابط عليها 20يوماً، وعندما يكتب الله له عمراً آخر، يعود عشرة أيام كإجازة، ليؤمن حاجيات البيت.
مقابلة يومية مع الموت
يستفيض خالد في ذكر الجبهات التي كان مضطراً للوقوف عليها، فتارة يقاتل على جبهة داعش في ريف حمص الشرقي، وأطواراً يقاتل فصائل المعارضة في ريف حماة، وريف حلب الجنوبي.
ويتابع قائلاً: كنت أقرأ الفاتحة ألف مرة في اليوم، وأطلب من الله أن يسامحني إن مت وأنا أقاتل إلى جانب نظام يقتل أبناء شعبه، لست مقتنعاً بما أفعل، وودت لو أن طفلي وزوجتي ماتا جوعاً قبل أن أقرر ما قررت، لكن خيار الرجوع يعني الموت المحتم.
قتال وهمي
«لم أكن أستطيع أن أوجه رصاص بندقيتي لعنصر واحد من فصائل المعارضة» يقول خالد.. ويردف: لكنني كنت أرمي الرصاص بجانبهم متقصداً أن تخطأ بندقيتي الهدف.
ثم يتساءل خالد: كيف لي أن أقتل أبناء جلدتي وكنت من أوائل من شارك في الاحتجاجات السلمية ضد نظام الخوف؟، نظامٌ اعتقل أخي، وقتل ابن عمي؟ ودمر منزلي!.
ويتابع: لستُ الوحيد الذي يتجنب عدم إصابة أهدافه، فالكثير من رفاق السلاح معي مرتزقة مثلي، وكانوا يفعلون ما أفعل رغم أنهم كانوا يخشونني إن كنت أعلم ذلك كي لا أشي بهم، وتتم تصفيتهم من قبل ضباط الأسد وميليشياته.
لحظة الفرج
بعد قتاله لخمسة أشهر مع ميليشيات الأسد، تعرض خالد لطلقات نارية في رجله اليسرى أدت لإعاقتها.. كان يتألم بشدة – بحسب عائلته – ولكنه أكدّ أن هذه اللحظة هي أجمل لحظات حياته، إذ مكنته من الخروج من ورطته وعذابات ضميره.
وبعدما تعافى من هذه الإصابة، استخرج له أصدقاؤه جواز سفر ليتمكن من الذهاب إلى تركيا، ومن ثم الفرار إلى ألمانيا بعدما ادّخر قليلاً من المال.
لماذا يستعين النظام بالمليشيات الطائفية؟
لا توجد إحصائيات محددة لعدد مقاتلي ميليشيا الدفاع الوطني والتقديرات تتحدث عن عشرات الآلاف، وبدأ تشكيل هذه المليشيا مع بداية الحراك الثوري في عدة أحياء من مدينة حمص لتفصل هذه الأحياء عن بقية الأحياء الثائرة ، ثم عمل النظام فيما بعد على تنظيمها، واعتبارها علناً كفصيل عسكري يقاتل معه، ليضمن بقاء ولائها له.
يؤكّد خالد أن النظام بات يعلم جيداً ألا أحد يقاتل بعقيدة إلى جانبه من الشباب السوريين، فكلهم مثله.
لذلك بات النظام اليوم يستقطب مرتزقة من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان.
أمرٌ يفسّر عجز النظام عن قمع ثورة شعب قرر عدم العودة، وها هو النظام – بعد أكثر من «خمسة» أعوام – يقف عاجزاً أمام حلم إعادة الشعب إلى قمقم الطاعة والولاء رغم استعانته بآلاف المرتزقة الذين يُقتلون بالعشرات أمام من تجذّرت أرواحهم بأرضهم التي خبروها جيداً.