جريدة زيتون
في منتصف الشهر التاسع من العام الماضي قامت جبهة النصرة بتوجيه ضربة لجبهة ثوار سوريا في عقر دارها في جبل الزاوية وملاحقتها في كامل الريف الإدلبي بعد أن تخلى العديد من مقاتليها عن قائدهم جمال معروف وما هي إلا أسابيع قليلة حتى تحول جبل الزاوية معقلا لمعاداتها فيما بعد، نظرا لأن أغلب أبنائه هم من منتسبي جبهة ثوار سورية وعلى يدهم تحرر جبل الزاوية بعد معارك شرسة مع قوات النظام.
اليوم لا تمر جمعة إلا وتخرج بعض قرى جبل الزاوية بمظاهرات منددة بالجبهة وسياستها. حيث شهدت بلدة معرتحرمة مظاهرات عارمة نتيجة لاحتجاز النصرة لأحد أبرز قادة حزم (مشهور الطويل ) ومظاهرات أخرى في بلدة الغدفة شرق معرة النعمان نتيجة اعتداء النصرة على أحد أوجه الحراك فيها، فيما تظاهرت سلقين والهبيط، وبيت سحم جنوب دمشق في مظاهرة بالمئات تطالب النصرة بالخروج من المدينة.
أفعال النصرة هذه ذكرت السوريين بما قام به تنظيم الدولة قبل طرده من الشمال السوري ومحاولته السيطرة على المناطق المحررة بالقوة، وتحت عدة ذرائع أخرها محاربة الفساد وأولها التكفير والعمالة، ومثلما حرر تنظيم الدولة مطار الطبقة العسكري والفرقة 17 سارعت النصرة بالبحث عن انجاز عسكري يسكت منتقديها, قامت بتحرير وادي الضيف الذي استعصى على الكثير من الفصائل المعارضة، لكن الشارع السوري في شمال سورية وان كان قد ابتهج بهذا التحرير إلا أنه ظل متوجسا مما ستقوم به النصرة استثمارا لهذا التحرير بخطوات على الأرض في سبيل تحقيق ما أشيع عن إمارتها الإسلامية حسب تسجيل صوتي نسب للجولاني.
دون إعلان! بدأت النصرة بتطبيق إمارتها واقعا معاشا إذ أنها استفردت بشكل واضح على المحاكم الشرعية في المنطقة وكثرت حالات الإعدام الرجم وخصوصا بحق النساء والخطف والتضييق على النشطاء في الداخل حتى بات جليا أنه لا مكان لمعارض للجبهة في المناطق المحررة أو الإمارة الإسلامية كما هي الحال في المناطق التي تخضع للدولة الإسلامية.
وتأتي عملية الجبهة ضد حركة حزم في هذا السياق كون الأخيرة تملك احتراما شعبيا واعجابا كبيرا وهي الفصيل الأكثر انضباطا عسكريا والذي بث عشرات الفيديوهات لتفجير دبابات النظام بصواريخ تاو الأميركية، فكانت حزم حجرة العثرة الأكبر في طريق النصرة وتوسعها في حلب لتحقيق وحدة جغرافية معقولة لإمارتها بعد أن سيطرت على أغلب الريفي الإدلبي.
تبادل كلا من جبهة النصرة وحركة حزم اتهامات بخطف وقتل عناصر وقيادات لهم وأصدرا بيانات تحذر الطرف الأخر الا أن أعلنت حركة حزم عن قبولها بأي هيئة شرعية مستقلة للتحكيم بينهم الا أن النصرة رفضت الفكرة.
في الوقت الذي تتقدم قوات النظام في الريف الحلبي لتسيطر على باشكوي ودوير الزيتون تفتح النصرة جبهة جانبية مع حزم لتثبت بعدها عن أهداف الثورة السورية يوما بعد يوم, بل لتؤكد أنها سبب في إضعاف وهشاشة الثورة برغم كل الانجازات التي حققتها في قتالها قوات النظام.
يسقط الشهداء في الفوج 46 ومزنار والمشتل وريف المهندسين على يد من جاؤوا يناصرونهم، وتقدم الحركة بيانا تعلن فيه عن حل نفسها حقنا لدماء أبنائها ثم لتتعهد النصرة بملاحقة قادة حزم دون العناصر ولتقدم تطمينات الى أهالي الأتارب – الذين لم يفرغوا بعد من دفن جثث أبنائهم فيما ترفض النصرة تسليم جثث الشهداء الذين سقطوا في الفوج 46 ـ بأنهم خارج الاستهداف.
لتقتل السيدة هناء البرهوم في كفر بطيخ وتقتحم القرية وتنصب حواجز حولها بحثا عن من يشتبه بانتمائه لحركة حزم ولينظر أهالي الأتارب الى أقرانهم في جبل الزاوية وما حل بهم من هوان بعد أن أفرغت قوتهم بيد صديق الأمس «عدو» اليوم.
تحرير زيتون
