زيتون – أسامة الملوحي
أحد السوريين دُعي في رمضان منذ سنين إلى مجلس ٍحافلٍ في العراق جلس فيه عشرات من الشيعة العرب يستمعون إلى شيخ شيعيٍ معمَّمٍ سيِّد وكان يذكرُ قصصاً ورواياتٍ عن المعاناة الشديدة التي كان آل البيت الأطهار يقاسون منها من الصحابة الكبار الأوائل وكان يُثْبِتُ ويُثَبِّت وجود حقد شديد متبادل بين كبار الصحابة وبين الإمام علي وآل بيته فذكر كيف كسر عمر ضلع السيدة فاطمة وذكر مصادرة الخلفاء الأوائل لأملاك آل البيت وذكر رواياتٍ متلاحقة عن اضطهادهم وتجاهلهم وإغماط حقوقهم الاعتبارية والاجتماعية والسياسية وذكر أموراً مؤلمةً كثيرةً بإيقاع حزين بدا واضحاً أن الحاضرين قد سمعوها مراراً وتكراراً ولكنهم كانوا يشحنون من خلالها عواطفهم ويستذكرون في ليالي رمضان ما قيل لهم أنه عبادة خاصة أقوم من قيام الليل.
وساد في المجلس سكوت وسكون عدة مرات كان الحاضرون يلتفتون للسوري يترقبون منه اعتراضا أو تعليقا ولكنه بقي مستمعا جيداً هادئاً وفي آخر مرة طال السكوت والسكون حتى قطعه صاحب المكان وقال للسوري:
لقد تعمدتُ دعوتك إلى هذا المجلس لتستمع فتهتدي أو تعترض, ولكنك ساكت تُصغي ولا تُعقب, فاعتدل السوري وقال:
ولماذا أعترض إذا كان قصد السيِّد الراوي في كل ما رواه أن الصحابة الكبار لم يألفوا عليا وآل بيته ولم يحبوهم وعليٌّ لم يألفهم ولم يحبهم فليس عندي في ذلك اعتراض , والتفت إلى السيد المعمم الراوي وسأله عن كنيته فقال:
أبو منتظر وقد سمّيتُ ابني منتظراً لدلالتين: لينتظرني وكنتُ في ايران من التوّابين أحارب مع الحرس الثوري ضد العراق وتيمناً بالإمام المنتظر.
فهتف السوري مخاطبا المجموعة كلها وقال: فعلاً إن في تسمية الأبناء لدلالاتٍ وإشاراتٍ لدى الحكماء.. هل تعلمون رجلاً بين الأولين أو الآخرين في كل المعمورة جمع في أسماء أبنائه باقةً فيها: أبو بكر وعمر الأكبر وعمر الأصغر وعثمان الأكبر وعثمان الأصغر، مجموعة أبناء بتلك الأسماء لرجل واحد؟ هل تعلمون؟.
ولم يجب أحد فقال السوري: أيها السادة إنه علي بن أبي طالب، الرجل الوحيد من الصحابة الذي فعل ذلك، والأنساب لا تُزور بسهولة بل قل الأنساب عند العرب كانت أقل أمر دخله التحريف والعبث.
والحسن سمّى من أبنائه أبا بكر وعمر, والحسين سمّى من أبنائه أبا بكر وعمر, ومن ذريتهما في الأحفاد وأحفاد الأحفاد ثلاثة عشر “عمراً” وخمسة “أبي بكر” في ثلاث طبقات فقط.
عليٌّ وآل بيته حقاً لم يكونوا يحبُّون الصحابة الكبار حباً عاديا إنما كانوا لا يحبون أحدا بعد النبي سواهم وقلوبهم قد تعلقت بهم بحبٍ في الله عظيم.
ولم يُصدّق الحاضرون ما سمعوه والتفتوا للمعمّم يستنبئونه: أحقٌ هو أم قد زوّرَ السنّةُ الأنسابَ، فراحت كلماته وأنظاره تلف وتدور ولم يُفهم منه وقتها إلا: “نعم هو صحيح ولكن من قال أن الإمام علي سمّى تيمناً بهم، لقد سمّى تيمناً بآخرين، ثم هذه الأسماء كانت جذابة دارجة في تلك الأيام وليس بالضرورة أن تكون في التسمية دلالات, وحتى لو قصدهم فالتقية واجبة” وكرَّر وتلعثم وحاول أن يستمر في الشرح والتبرير لكن الحاضرين ضجُّوا وأسكته ضجيجهم, لقد صُدموا وتبين أمامهم أنهم قد غُرر بهم وتفككت أمامهم دفعة واحدة الأسطورة، أسطورة تباغض الصحابة وآل البيت وتباعدهم وأعلن أحد الحاضرين: “أنا سيّد من أحفاد رسول الله والله لأسميَّن أول مولود قادم لي باسم عمر” وقد فعل.
والأمر أكبر من ذلك وأغلظ، فلن يجد باحث واحد مهما بذل أن هناك من سمّى أو كنّى هو و ذريته من بعده في خمس طبقات أسماءاً لأبي بكر وعمر وعثمان كعلي بن أبي طالب لا في عصره ولا في عصر تلاه، يبدو أنها كانت طريقة ونهجاً اتبعها عليّ وأوصى بها أبناءه من بعده.
“عليّ” هو الذي لم يقبل أن يُفضّله أحد على أبي بكر وعمر وقال قولّته الغاضبة المشهورة: “من فضّلني على الشيخين حددته حد الفرية”.
و”علي” هو الذي وضع الحسن والحسين حارسين على باب عثمان لحمايته أيام الفتنة الكبرى.
لقد سجّل علي بذلك وغير ذلك براءة كاملة مما اختلقوه و ابتدعوه وروّجوه وأسقط الأسطورة بحرص وفراسة.
ويندر في أنواع التاريخ المزوَّر أن يُذكر أمر لا يكون له أي أصل أو مناسبة ولكن هذا الأمر الذي أُلصق بالصحابة و الإمام عليّ كان فعلاً لا أصل له بل هو قلبٌ كاملٌ مقصودٌ للحقائق بما يعاكس ما حدث وما يعاكس طبع علي والصحابة وأخلاقهم.
والذين وفروا الأدلة الكثيرة الحاسمة القاصمة ضد أسطورة “بغض أهل السنّة لآل البيت” على مدى مئات السنين هم أهل السنة والجماعة أنفسهم, الأولون والآخرون، السابقون والمعاصرون الذين حرصوا بنفس طريقة الإمام علي أن يُسمّوا أبناءهم بكثرة بأسماء علي والحسن والحسين ويندر أن لا تجد في اسم الواحد من أهل السنة حتى الجد السابع اسم علي أو الحسن أو الحسين وصارت هذه الأسماء أكثر الأسماء عند أهل السنّة بعد ما حُمِّد وعُبِّد من الأسماء عبر القرون.
وفي خلاف “عليّ” مع معاوية …كل أهل السنّة المعتبرين يقولون بأن الإمام علي كان على الحق ويخطِّئون معاوية في ذلك ولكنهم لا يكفِّرونه ولا ينبذونه كما يشتهي مؤسسو أساطير الفتنة، فعليٌّ نفسه لم يكفر معاوية, ولمعاوية فضائل في الفتوح وغيرها.
وتكاد لا تخلو خطبةٌ على منابر أهل السنة من الذكر الحسن الطيب لعلي والسبطين.
ومن ظنّ أن أهل السنة يسمحون لبشرٍ أن ينتقص من واحد من آل البيت فليجرِّب ذلك فينظر أيسلم أم يُهان.
أهل السنّة إذا وصفهم باحث أنهم “سنّة الإمام عليّ” أو لقّبهم “بأهل السنّة وجماعة عليّ” فقد وصل وصدق بل هم شيعة علي الصادقون، الذين شايعوا علياً فعلاً في العقيدة الصحيحة والنهج والطريقة.
والذين ادعوا أنهم شيعة لعلي وخالفوه في كل شيء وفي كل حين وفي كل زمان و وصلت بهم المخالفة المديدة لعليّ إلى مقاتلة أهل الشام المظلومين المنتفضين اليوم، أهل الشام الذين لم يَذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل أحد مثلهم…أهل الشام الذين انتفضوا ضد الظلم والاستبداد الظاهر المبين يُرسلُ المُدَّعون لقتالهم وقتلهم الأفواج تلو الأفواج باسم الإمام عليّ وباسم الحسين الذي قال عما يفعلون: ” العامل بالظلم، والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم, و من عذر ظالماً بظلمه سلط الله عليه من يظلمه، “وفي وصية لأصحابه: ” إياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم, فيوم القيامة يأتي رجل إلى رجل حتى يُلطِّخَه بدمه، فيقول: يا عبد الله مالك ولي؟ فيقول أعنت ضدي يوم كذا وكذا بكلمة فقُتلت”.
وأقوال كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى لآل البيت في رفض الظلم وردع الظالمين وأعوانهم، أقوال ومواقف تجعل الباحث المتمعن يقول : هؤلاء الذين اجتاحوا سوريا ليقتلوا شعبها وينتهكوا كل الحرمات فيها بمسمّى شيعة آل البيت إنما هم في الحقيقة يخالفون قيم ووصايا وأخلاق آل البيت وعندما يهتفون باسم علي والحسين وسائر آل البيت ويرفعون رايات عليها أسماؤهم فهم يلصقون أبشع الأعمال المنكرة الفاسدة بتلك الأسماء، وأصحابها بلا ريب منهم براء، إنه التشويه والتلويث الذي يوصل من يفعله لمرتبة من يناصب آل البيت العداء فعلاً، هؤلاء فعلاً ينطبق عليهم أن يقال لهم: “أنتم النواصب الحقيقيون”، “نواصب الشيعة” الذين جلبوا لعليّ وآل بيته الألم والمعاناة في حياتهم وبعد مماتهم.
يبدو أن عليّاً ذا الفراسة قد قصدهم في عصره وعصرنا بقوله وهو يخاطبهم: “أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً ، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً ، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان، من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب”.
وعن قيمتهم قياسا بقدر أهل الشام في نظر الإمام عليّ يقول لهم: “و الله! لوددت لو أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم, عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام” عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام؟، عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام.
نواصب الشيعة هم الذين يُموّلون ويُناصرون ويُقاتلون في سوريا إلى جانب أبشع الطغاة ويتحالفون لذلك مع كل شياطين الأرض.
“نواصب الشيعة” فئة كاذبة أتقنت الدجل وتسييسه وجَرَّت وراءها فئة ساذجة عمياء غُرر بأتباعها جماعات ووحداناً.
وفي سوريا اليوم يقول الحسين لنواصب الشيعة الذين اجتاحوا الأرض المباركة: “من سلّ سيف البغي قُتل فيه”
ويُبشر “عليٌّ ” سنّته “أهل السنّة” في سوريا فيقول:
“إذا رأيتم الظالم يستمر في ظلمه فتأكدوا أن نهايته محتومة وإذا رأيتم المظلوم مستمراً في مقاومته فتأكدوا أن نصره محتوماً”
فأبشروا “سنّة محمّدٍ وأبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ” بهزيمة نواصب الشيعة في سوريا.