زيتون – ياسمين محمد
بعد معاناةٍ دامت خمسة أشهر، افتقد فيها أهالي مدينة معضمية الشام لمادة الخبز ولكافة المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأساسية، توصلت بعدها لجنة المصالحة في المدينة إلى هدنةٍ مع النظام، دخل إلى المدينة بموجبها 3500 ربطة خبز، وتمّت إزالة السواتر الترابية على مداخل المدينة، لقاء رفع علم النظام فوق مبنى البلدية، وعودة موظفيها، إضافةً لردم الأنفاق من قبل النظام.
كما سمحت قوات النظام لعدد من الموظفين والطلاب من أهالي مدينة معضمية الشام، بالخروج منها للدوام في أماكن عملهم، شرط عدم إدخالهم أية مواد غذائية أثناء عودتهم إليها، وبالفعل شرع النظام بتطبيق الهدنة يوم الاثنين الماضي في السادس والعشرين من شهر أيار الفائت، تحت إشراف عناصر الفرقة الرابعة.
واتفقت لجنة المصالحة مع النظام بعد مرور 148 يوماً من الحصار، وبعد مفاوضاتٍ طويلةٍ ومريرة، على السماح بدخول 3500 ربطة خبزٍ بشكلٍ يوميٍّ إلى المدينة التي تحوي أكثر من 45 ألف نسمة، أي مايقارب ال 8800 عائلة، منهم 7500 عائلة من أهالي المدينة، و 1300 عائلة من النازحين إليها من جارتها المحاصرة داريا.
وحصلت كل عائلة على 5 أرغفة خبزٍ بموجب هذه الهدنة، والتي اعتبرها البعض تسليماً للمدينة، فيما اعتبرها البعض محاربةً لهم بلقمة عيشهم، واعتبرها البعض الآخر هدنةً للذل والجوع معاً، فلا هي أشبعتهم خبزاً، ولا هي منحتهم ما يقتانونه بالخبز، ولا هي أزالت مدينتهم من قوائم الحصار.
فيما رأى قسمٌ آخر من أهالي وسكان المدينة في الهدنة الخيار الوحيد أمامهم، كي يخفّفوا معاناة أطفالهم، وأملاً في أن يتوقف أبناؤهم عن أكل الحشائش وأوراق الشجر، في وقتٍ خلت فيه معظم المنازل من المواد الغذائية، وكثرت فيه حالات سوء التغذية، وسط انعدامٍ تام للأدوية والمستلزمات الطبية وكافة مستلزمات الحياة الأساسية.
عانى الأهالي على مدى خمسة أشهر من الجوع والفقر والمرض، ومن حصارٍ جائرٍ فرضته قوات النظام على المدينة، وقامت بإغلاق المعابر، ومنعت الدخول والخروج حتى للموظفين والطلاب، وحتى المساعدات الانسانية التي دخلت المدينة، تمّ توزيعها على الجزء الشرقيّ من المدينة، والمجاور لمطار المزة، والذي يقطنه الموالون للنظام، ووسط إطلاق الرصاص من قبل قوات النظام على مرأى ومسمع وفد الأمم المتحدة، وحسرة بقية أهالي المدينة وانتظارهم.
وكانت لجنة المصالحة قد التقت بمسؤولي نظام الأسد عدة مرات، وكانت ردود وفد النظام دائماً إمّا الاستسلام وإمّا الاقتحام، علماً أنّ المدينة كانت قد وقّعت اتفاقاً لوقف القتال والشروع بمفاوضات هدنة في 25 كانون الأول 2013، ونص الاتفاق آنذاك على رفع العلم السوري في المدينة ووقف القتال على الجبهات، مقابل إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المدنيين، دونما أيّ التزامٍ من قبل النظام- كما هي عادته-.
الجدير بالذكر بأنّ مدينة معضمية الشام في الغوطة الغربية؛ تعاني من الحصار منذ أواخر العام 2012، كما تعرّضت لقصفٍ بغاز السارين المحرّم دوليّاً من قبل النظام مرتين، الأولى في 21 آب عام 2013، والثانية في 23 كانون الأول عام 2015، وتمكنت قوات النظام من فصلها عن جارتها مدينة داريا في 27 كانون الثاني من العام الجاري.
وفي تشرين الأول/اكتوبر الماضي، حصلت عمليات إجلاء لنحو 3800 شخص من المدينة غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين. وأشرف على هذه العمليات الهلال الأحمر السوري بالتنسيق مع السلطات.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تفرض القوات النظامية حصارا على المدينة منذ أكثر من عام، وتتعرض لقصف يومي وتشهد أطرافها اشتباكات بين المقاتلين والقوات النظامية التي تحاول السيطرة عليها.