زيتون – زهير أحمد
يضيق خناق العزلة على رقبة النظام الإيراني في السياسات الإقليمية والدولية يوماً تلو آخر، وذلك بعد أن تم كشف النقاب عن مدى ضعفه وعجزه بعد تجرعه كأس السم النووي، بحيث عادت الأطراف التي كانت قد أجبرت على إعطاء بعض التنازلات له خلال فترة الاعتماد على سياسة المساومة له وذلك في أجواء من الإستقطابات السياسية والمنافسات الانتخابية لتنتزع تلك التنازلات اليوم من حلق النظام الايراني، الأمر الذي أرغم النظام على إظهاره ردود أفعال مثيرة للضحك والسخرية وهو نظام اعتمد على الإرهاب والإفلات من العقاب وأكل خبز الوقف السياسي خلال السنوات الأخيرة.
و من ردود الأفعال هذه ما حدث يوم الجمعة 20 أيار/ مايو الجاري حيث جاء على لسان خطباء صلاة الجمعة المحسوبين لخامنئي جميعاً في أحد المحاور عبارات التقدير لمشروع صوت عليه البرلمان الثلاثاء الماضي في آخر أيام دورته المنتهية، وذلك بصفة عاجلة جدا، ثم سرعان ما صادق عليها مجلس صيانة الدستور مباشرة غداة ذلك اليوم.
وكان المشروع «التزام الحكومة بمتابعة الخسائر التي أوقعتها أمريكا على إيران». ومن بين هؤلاء الخطباء كان الملا «إمامي كاشاني» بصلاة الجمعة في العاصمة طهران حيث أشاد بالتصويت على هذا المشروع وعبّر عن أمله قائلا بحذر «على الحكومة أن تنفذ هذا المشروع بصرامة مما فيه من مصلحة».
موجة التقدير لهذا المشروع جاءت في الوقت الذي لم يتحدث “الولي الفقيه” إطلاقا بشأن هذا المشروع بل لم يتحدث أيضا عن مصادرة ملياري دولار من قبل الولايات المتحدة.
الجدير بالذكر إن أخذ هذا المبلغ من حساب ودائع للنظام في الولايات المتحدة جاء بعد أن أصدر القضاء الأمريكي حكما بدفع التعويضات إلى عوائل ضحايا التفجير الإرهابي في مقر قوات المارينز الأمريكية في بيروت عام 1983 .
ومن بنود مشروع برلمان الملالي هو أنه على أمريكا أن تعوض الخسائر المادية والمعنوية خلال الحرب الإيرانية العراقية إلى « 223 ألف شهيدا و…» وعلى حكومة حسن روحاني أن تتابع ذلك.
وبخصوص الإيضاح عن أسلوب تنفيذ هذا المشروع أكد أحد عناصر زمرة خامنئي في برلمان النظام قائلا: “أي نكث بأي تعهد من قبل أمريكا سيترتب عليه نكث بتعهد من قبل إيران وبإمكان تعميم هذا القانون إلى الاتفاق النووي أيضا”.
ولكن بحسب تصريحات أدلى بها عناصر ووسائل الإعلام التابعة لزمرة رفسنجاني أنه لا يعتبر هذا المشروع عمليا وجادا بل مجرد عمل شكلي ودعائي ولا هدف له إلا عودة الملياري دولار أو البحث عن عمل مماثل فقط، ونظرا إلى فحوى المشروع نفسه وكذلك التزام خامنئي بالصمت خلال هذه الفترة وعدم إبداء أي دعم له يدلان على هذه الحقيقة.
إن الإذعان بهذه الحقيقة في وسائل الإعلام التابعة لزمرة رفسنجاني صريح جدا، فعلى سبيل المثال كتبت صحيفة ابتكار الحكومية مقالا تحت عنوان: «تعويض الخسائر بأيدي فارغة» وطرحت سؤالا بتهكم بأنه «ما هو معنى تعويض هذه الخسائر مع أنه لا أموال أمريكية في بلادنا؟» وكما أكد أحد عناصر النظام المدعو جلال جلالي زاده قائلا: «علينا أن لا نقوم بعمل يضحك العالم بسببه علينا».
ولكن لماذا وتحت أي عوامل وضغوط وضع النظام الايراني وتحديدا الزمرة التابعة للولي الفقيه نفسها عرضة للسخرية أمام العالم؟ الأول هو أنه موجة الضربات السياسية المتتالية التي تلقاها النظام في فترة بعد الاتفاق النووي جعلت قواته عرضة للاستنزاف.
أبعد من هذه الاعترافات، يجب القول أنه بعلم عناصر النظام ووسائل الإعلام التابعة لزمرة الولي الفقيه تماما انه عندما زرع النظام الرياح فبالتالي عليهم أن ينتظروا تداعياتها وعواصفها التي وقفت في وجههم بالمرصاد حيث تعتبر مصادرة ملياري دولار فقط وجها لها ولذلك تم إلقاء الرعب في قلوبهم بكل وضوح.
كما اهتمت صحيفة كيهان المحسوبة لخامنئي في عددها الصادر بتاريخ 17 أيار / مايو الجاري بالجانب السياسي لهذه الطلبات استنادا الى تصريحات أطلقها مسئول أمريكي حيث قال: «حسب الاتفاق النووي احتفظت الخزانة الأمريكية بحقها في فرض عقوبات على الأشخاص المرتبطين ببرنامج إيران الصاروخي والإرهاب وحقوق الإنسان وهذه الملفات تختلف عن الملف النووي».
لذلك يعتبر مشروع «التزام الحكومة بتعويض الخسائر» وجها آخر لعملة الفقاعات التي أطلقها قادة قوات الحرس ويكشف فقط مدى فراغ جعبة خليفة الرجعية المتهاوية “خامنئي” حيث لم يتمكن حتى أن يتظاهر لحفظ ماء وجهه بحيث تعيد هذا المهازل والمناورات إلى الأذهان بانه غارق يتشبث ببينما بأي قشة في مستنقع بلانهاية.