فيما تقدم طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة غطاء شاملاً للقوات الكردية بمواجهة تنظيم «داعش» بلغ يوم أمس وحده 150 غارة، يُكشف «الجيش الحر» أمام التنظيم المتطرف الذي شن ليل الخميس ـ الجمعة هجوماً مباغتاً على قرى وبلدات يتواجد فيها «الحر» في الريف الشمالي لمحافظة حلب، حيث غابت طائرات التحالف تماماً من الأجواء سامحة لـ»داعش» باكتساح عدد من القرى وقطع الطريق بين مدينتي أعزاز ومارع.
وبهذه التطورات الميدانية، أصبحت فصائل «الجيش الحر« في حلب محاصرة من جهة الشمال والشرق من قبل «داعش« بعد أن كانت محاصرة من قبل القوات الكردية من جهتي الغرب والجنوب.
وأكد مصدر من ريف حلب الشمالي أن التنظيم ارتكب مجازر عدة ضد المدنيين بعد دخوله تلك القرى، وأقدم على إعدام مجموعة من عناصر «الحر« في قرية جبرين وعلّق رؤوسهم عند دوار وسط القرية.
وجاء تقدم «داعش« وسط غياب تام لغارات التحالف الدولي الذي كانت قياداته أعلنت سابقاً عن تحضيرات تجري برعاية أميركية لمعركة تحرير مدينة الباب وريفها من براثن «داعش«، وأن تلك المعركة ستخوضها مجموعة من الفصائل المدعومة أميركياً، إضافة الى فصائل حلب المحلية حيث استحضرت تلك الفصائل مجموعات كبيرة من عناصرها من مدينة حلب بهدف المشاركة في معركة الفصل ضد التنظيم في الريف الشمالي. وأرسلت تلك التعزيزات من مدينة حلب إلى اعزاز عن طريق ريف حلب الغربي وصولاً إلى تركيا قبل أن تتوجه مجدداً إلى اعزاز للتجهيز لمعركتها ضد «داعش«.
ولم يعر التنظيم تعزيزاته المفترضة في ريف الرقة الشمالي الاهتمام اللازم للمعركة المنتظرة هناك. وعوضاً عن ذلك، قام بإرسال تعزيزات ضخمة إلى مدينة الباب لتحصين دفاعاته فيها، وبخاصة إلى منطقة الراعي التي استولى عليها التنظيم قبل مدة بسيطة ويعتقد أنها ستكون خط المواجهات الأولى في تلك المعركة، وذلك منعاً من وصول الجيش الحر إلى منطقة دابق الواقعة بين الباب ومنطقة الراعي، والتي تحظى لدى التنظيم برمزية كبيرة، تجعل أمر الدفاع عنها هو الأولوية لديه حتى لو كان الثمن خسارته للرقة.
وشكك مصدر ميداني من ريف حلب بجدية الوعود الأميركية والحديث عن نية واشنطن تقديم الدعم لـ»الجيش الحر« في ريف حلب، معتبراً أن ما حصل من نتائج كارثية سببه قلة الدعم الأميركي لـ»الحر«، وإفشالاً لمحاولات تحرير الباب وريفها من براثن التنظيم على يد الثوار، بهدف إظهار الوحدات الكردية هي الوحيدة القادرة على محاربة «داعش« ودحره في المنطقة.
وقال المصدر «تنصب جهود الولايات المتحدة والتحالف الدولي على دعم قوات سوريا الديموقراطية بقيادة الأكراد، سواء بالسلاح والعتاد والإسناد الجوي. وقد بلغ ذلك الدعم درجة اشتراك جنود أميركيين في معركة القوات الكردية ضد التنظيم شمال الرقة، بينما ترك الجيش الحر وحيداً ليواجه مصيره في اعزاز ومارع«.
وأبدى المصدر استغرابه من ازدواجية العلاقة بين قوات الكردية وتنظيم «داعش«، موضحاً أنه في الوقت الذي يتقاتل الطرفان شمال الرقة، تسود حالة من الوئام والسلام بينهما في ريف حلب. وقد أقدما قبل يومين على فتح معبر تجاري عند منطقة احرص بريف حلب للتبادل التجاري بينهما.
وبالتوازي مع هجوم «داعش» وغياب طيران التحالف الأميركي، كثّف الطيران الروسي غاراته على شمال سوريا، متذرعاً باستهداف جبهة النصرة، فيما كان المستهدف قوافل المواد الغذائية والاستهلاكية القادمة من تركيا إلى حلب وإدلب، كما تعرضت أحياء في مدينة حلب لغارات مماثلة وقصف شاركت فيه قوات النظام.
وقال رئيس قيادة العمليات الرئيسية بهيئة أركان الجيش الروسي سيرغي رودسكوي إن تأخر الولايات المتحدة في تحديد مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة يهدد عملية السلام بسوريا.
أمّا في محافظة الرقّة، فتستمر قوات سوريا الديموقراطية بقيادة القوات الكردية شمال الرقة باستهداف معاقل تنظيم «داعش« في الريف الشمالي للرقة، بإسناد جوي من طيران التحالف الدولي، من دون أن تسجل أي تقدم يُذكر على تلك الجبهات. وتسعى القوات المهاجمة إلى التقدم من محوري تل أبيض وعين عيسى وصولاً إلى الفرقة 17 التي تعتبر خط الدفاع الأخير عن مدينة الرقة وفيما لو تمكنت قوات سوريا الديموقراطية من تحقيق ذلك، سيتحقق لها أول هدف استراتيجي من المعركة، المتمثل بفصل مدينة الرقة عن حلب.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن الاشتباكات المستمرة في ريف الرقة الشمالي بين تنظيم الدولة الإسلامية وقوات سوريا الديموقراطية «ترافقت مع تنفيذ طائرات التحالف الدولي 150 ضربة على الأقل استهدفت مواقع التنظيم في ريفي مدينتي عين عيسى وتل أبيض».
وسجل كل من ريف الرقة الشمالي ومدينة الرقة خلال اليومين الأخيرين موجات نزوح كبيرة، ضمت مئات العائلات الهاربة من الحرب. واضطرت تلك العائلات الى النزوح إلى ريف الرقة الغربي وريف دير الزور جراء منع التنظيم لهم بالخروج من حدود مناطق سيطرته.
وأشار مصدر من الرقة الى أن معظم تلك العائلات النازحة لا تزال تفترش العراء، قائلاً: «نحن شعب لا يعرف أين نذهب، فالتنظيم اتخذ منا دروعاً بشرية حين منعنا من الخروج إلى مناطق المعارضة. كما أننا نخشى حدوث حالات انتقام وتطهير عرقي فيما لو تسنى للقوات الكردية دخول مناطقنا. بالإضافة لذلك نخشى من تصنيفنا أننا جميعاً دواعش لنكون أشبه بكبش انتقام من التنظيم، رغم أننا أكثر من دفع ثمن احتلال داعش الغاشم لمناطقنا حين قتل أبناءنا ورجالنا تحت حجج شرعية زائفة«.
في بروكسل مدد مجلس الاتحاد الأوروبي لعام واحد، حتى الأول من حزيران 2017، العقوبات التي فرضها على النظام السوري والتي تشمل خصوصاً حظراً نفطياً وتجميداً لأصول المصرف المركزي السوري في أوروبا.
وتشمل العقوبات الأوروبية حظراً نفطياً وقيوداً على بعض الاستثمارات وتجميداً لأصول البنك المركزي السوري في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن قيود على صادرات المعدات والتكنولوجيات التي يمكن استخدامها لأغراض قمع داخلي.
المصدر: المستقبل