زيتون – زهير أحمد
أثار ظهور الجنرال الإيراني المتقاعد محسن رضائي، بزيه العسكري في الآونة الأخيرة ومتحدثًاً عن ضرورة «القصاص» لقتلى «الحرس الثوري» في مدينة حلب السورية، تساؤلات حول عودته لمزاولة مهام عسكرية رسمية.
ورغم أنه لا يتقلد أي منصب رسمي في المؤسسة العسكرية، فإن رضائي عبر في مؤتمر صحافي أعد على عجل في طهران يوم الثلاثاء الماضي عن «غضبه وحزنه وخوفه من الخسائر الفادحة التي تكبدتها إيران في المعارك الدائرة حول مدينة حلب السورية التي مزقتها الحرب». وقال: «لن نترك شهداءنا من دون قصاص، وسوف نحرر حلب في القريب العاجل».
وعزز هذا الظهور أنباء عن تعيين رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، مستشارًا عسكريًا للمرشد علي خامنئي، وفي المقابل، انتشرت تقارير غير رسمية أخرى في إيران تفيد بأن الجهات العليا قد طلبت من الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس والرجل المسؤول عن «تصدير الثورة»، التنحي عن منصبه.
وجاء ذلك حسب محللون نتيجة الضربة القاسية التي تلقاها نظام الملالي في سوريا بمنطقة خان طومان تقاطرت توابيت قوات الحرس هذه المرة نحو إيران في أعداد كبيرة. وملأ هذا الحادث وسائل الإعلام للنظام بتأوهات وتوجعات مصحوبة بجعجعات فارغة.
على الرغم من أن أخبار قوافل قتلى النظام في سوريا ليس موضوعاً جديداً وهي مستمرة منذ أشهر إلا أن سبب هذا الحجم من ردود الأفعال الهسترية لبيادق ووسائل الإعلام للنظام يكمن في حجم الضربة التي كانت أكبر وأثقل من سابقاته تماماً، وسبق أن لوحظ مقتل الأشخاص مثل الحرسي همداني وإصابة الحرسي المجرم قاسم سليماني غير أن هذه الضربة التي خلفت 20 قتيلاً (حسب وسائل الإعلام الخارجية) ونسبة المصابين بنفس العدد وأسر/6 / حراس آخرين كانت ضربة موجعة وقاسية ولهذا أثارت التوتر والاضطراب والقلق الكبير داخل النظام.
إن تصريحات الحرسي “سلامي” نائب قائد قوات الحرس تعكس أصداء قلق النظام الداخلية بخصوص هذه الضربة التي لحقت بالنظام، وأكد سلامي قائلاً: «نحن مسيطرون على الأوضاع جملةً وتفصيلاً ولا يتمكن هذا التغيير التكتيكي الصغير من أن يؤثر على الساحة الجغرافية للمعركة الكبيرة» وتابع يقول: «إننا لا نشعر بالقلق إزاء التهديدات الخارجية» (تلفاز النظام 9 مايو/أيار 2016)
إذا أردنا ترجمة تصريحات الملالي عكسياً الى لغة قابلةٍ للفهم فيكون الكلام الحقيقي لهذا الحرسي الذي يعرف ب “غوبلز قوات الحرس” كالآتي: «إن الوضع نفلت من أيدينا وكانت الضربة قاسية وأننا قلقون جداً!».
إن هذا القلق الذي يُلاحظ في وسائل الإعلام الحكومية جليا يأتي في محله تماماً لأن عملية التساقط بدأت تتسارع داخل صفوف النظام وبين عملائه في المنطقة. وكتبت صحيفة “جوان” التابعة لقوة الباسيج –اللاشعبية- في عددها الصادر11 بتاريخ مايو / أيار نقلا عن “جوكار” عضو لجنة الأمن لبرلمان النظام قوله: «إن خطة وتطبيق الهدنة وفي النهاية هجومهم الواسع تأتي بهدف جعل المقاومة عرضة للهزيمة ثم يضعون الوضع القتالي للجيش السوري في حالة الانفعال وطبعاً سيطرحون في جلساتهم المقبلة إن عمليات الجيش وصلت الى طريق مسدود وعليهم قبول شروطنا» إن تصريحات هذا العضو للبرلمان تظهر جيداً سبب حاجة النظام الى جعجعات فارغة ودعايات من نوع تصريحات الحرسي سلامي.
إضافة الى هذا القلق تسببت هذه الضربة في خلق توتر وتضارب داخل صفوف النظام الإيراني، وفي إشارة الى هذه الضربة والتوازن العسكري والسياسي في سوريا ربط بيادق النظام ووسائل الإعلام هذا الموضوع بمفاوضات جنيف والهدنة، وتأوهت صحيفة “كيهان” المنسوبة لخامنئي مبدية تشاؤمها تجاه الهدنة وطاولة فيينا وكتبت تقول: إن الحكومة السورية وحلفائها كان عليها ألا تقبل الهدنة وكانت إيران متشائمة تجاه الهدنة وطاولة فينا منذ البداية وكانت تقيمه ضرراً للحكومة السورية.
وفي المقابل قامت صحيفة “جمهوري إسلامي” الحكومية باقتباس جملة من إحدى وسائل الإعلام الخارجية يوم 11مايو/ايار2016 وكتبت في مقالها الافتتاحي تقول: « موقع غلوبال ريسرج الإلكتروني يعتقد في مقالها إن الحرب في سوريا هي خلفية لحقيقة تجري في جنيف» وأوضح منها هو مقال صحيفة “شرق” الحكومية يوم 11 أيار بقلم “جاويد قربان أوغلي” مدير وزارة الخارجية للنظام في ولاية خاتمي على أساس «تجربة إيران الناجحة في الحصول على أهدافها في الاتفاق النووي بالتفاوض مع عمالقة العالم » وكتبت: «الاقتراح هو بدلاً من إلحاح على بقاء شخص نفكر في حلول ضمانات لحفظ وحدة التراب السوري وتشكيل حكومة شاملة تتألف من كافة القوميات والمجموعات وحماة المقاومة». ويوضح هذا المقال كيف اصطف مؤيدو الاتفاق النووي (والاتفاق الشامل المشترك الثاني والثالث والرابع) بألسنتهم الحداد أمام المهمومين وهذا يعكس عمق التوتر.
ويجدر بالذكر أن الضربات التي لحقت بالنظام في سوريا وموضوع الأمن الداخلي حيث كان كلام خامنئي الرئيس في تصريحاته الأخيرة يرتبط بتصريحات مسئولي النظام.
نعم يرتبط طريق النظام المسدود في المنطقة أكثر مما مضى بمآزق النظام الداخلي وخير دليل على ذلك هو تصريحات الحرسي “سلامي” حيث ابدى قلقه بخصوص المنطقة وربط هذا القلق بالظروف الداخلية وأكد قائلاً: “إن شعبنا واع وبصير في المشهد الداخلي ويدافع عن ثورته مهما كانت الظروف»، والمعنى أن الأوضاع الداخلية متأزمة ومثيرة للقلق جداً.