تحرير زيتون
أفرزت المعطيات الأولية لمجموع المعارك الدائرة في القطاع الغربي والجنوبي الغربي من درعا والجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي من القنيطرة، منذ الفترة التي تلت شهر آب من العام 2015 وحتى تاريخه، سلسلة أحداث دامية، لم يكن المؤشر الخطير فيها هو المواجهات المسلحة بحد ذاتها، بل تبدل الأطراف فيها على نحو صعّد التطورات الميدانية في اتجاهات مختلفة عمّا هو معد لها.
وكان التطور الخطير الأبرز الذي شهدته المنطقة الجغرافية الممتدة من منطقة المزيريب في الريف الغربي لدرعا القريب من المدينة، وصولاً إلى أقصى جنوب غرب المحافظة حتى حدود سوريا مع الأردن، وكذلك المنطقة الواقعة على تماس حدود القنيطرة مع الجولان المحتل عند خط وقف إطلاق النار لعام 1974م، هو ظهور تنظيم “داعش” عبر مجموع فصائل مسلحة أعلنت تباعاً الولاء له، بداية بشكل سري، تلاه الأعلان عن مبايعة البغدادي على الملأ.
وفي خضم تلك التطورات تقول المصادر الميدانية لـ”زيتون” إن حالة من التوتر الأمني والعسكري عمت جانبي الحدود، في الجانب الأردني اتصالاً مع بلدات (معرية – بيت أره – كويا – القصير – حيط – تل شهاب)، وبدرجات أكبر في الجانب المتواجد فيه القوات الإسرائيلية عبر خط قرى وبلدات (معرية – عابدين – جملة – صيصون – صيدا الجولان)، حيث رفعت خلال الأشهر الفائتة إسرائيل درجة التأهب لدى قواتها إلى الحدود القصوى، بالتزامن مع اندلاع أعنف المواجهات على نقاط التماس، في ظل عدم وجود أية قوات دولية من العناصر المنضوين فيما يعرف بـ”قوات حفظ السلام” المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار، نتيجة انسحابها بالمجموع إلى شمال القنيطرة إبان سيطرة فصائل المعارضة على منطقة حوض اليرموك غرب درعا والمناطق المتاخمة لها جغرافياً باتجاه عمق الجولان السوري في الجانب المحرر منه أواخر العام 2012.
مصدر عسكري في الجيش الحر العامل بدرعا، أفاد لـ”زيتون” بأن “الفصائل المعارضة مستمرة في حربها دون هوادة لمكافحة التطرف الذي يمثله كل من لواء شهداء اليرموك وفلول حركة المثنى الإسلامية وجيش الجهاد الهارب من ريف القنيطرة لمناطق حوض اليرموك”.
ويضيف المصدر الذي رفض ذكر اسمه: “ما من شك بأن مجموع ما نقوم به من أعمال عسكرية موجهة في جانب آخر مضاد للنظام وميليشياته هو خسارة في المنظور الثوري للمسألة، لكن الأمر لا يقاس هكذا ميدانياً، نحن لدينا اعتبارات أخرى في الأرض. داعش لدينا لا يقل عداءً عن النظام. كل منهما عدو لنا، وأي طرف مسلح كان أو غير مسلح لا يتوافق في أهدافه مع مبادىء الثورة السامية في الحرية ومدنية الدولة السورية وحق العيش المشترك فيها للجميع هو معادي لأسمى مبادىء حقوق الإنسان التي نعمل كفصائل جيش حر عليها، ونجتهد في الاستمرار في الإلتزام بها قدر الإمكان”.
ويشير المصدر إلى أن المعارك التي تخوضها الفصائل المعارضة على الحدود أو قربها، لا تعني التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في ذلك، وتابع بالقول: “إسرائيل لا تعنينا في ما نقوم به من مواجهات، نحن لدينا عدو محدد في المرحلة الحالية، هو بشار الأسد، ومن بعده أزلام البغدادي الذين نفذوا مجازر باتت تنافس مجازر الأسد وميليشياته، وليس لدينا أية تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، وإذا كان هناك من حذر أو تأهب على الحدود فهذا الأمر يعنيهم هم ولا يعنينا نحن كمؤسسة عسكرية معنية بالميدان السوري وفق مقتضيات المرحلة التي نمر بها”.
وبالعودة إلى المصادر الأولى فإنها تفيد باستمرار تنفيذ الطيران الإسرائيلي طلعات استطلاع في مناطق التماس مع خط المواجهات بين الفصائل المعارضة وخلايا “داعش”، التي تقترب من شريط الحدود إلى درجات قصوى، بل إنها تكاد تلتصق به في مناطق عدة كما في جملة وعابدين ومعرية وصيون، وهي قرى تقع جنوب غرب درعا، وتتداخل جغرافياً مع مناطق جنوب القنيطرة، مع استنفار واضح لقوات حرس الحدود.
ومع استمرار المعارك الدائرة، والتي تلفت المصادر إلى تحولها إلى ما يشبه “حرب الاستنزاف” يستمر الترقب الإسرائيلي على الحدود، بانتظار ما ستفرزه مجريات الاقتتال المحتدم بين طرفي المعارضة وداعش خلال الأيام القادمة، وهو أمر بالتأكيد يعني تل أبيب جداً، نظراً لخصوصية المنطقة وحساسيتها على مستوى ليس فقط القنيطرة، بل الجنوب السوري ككل.