تحرير زيتون
أصدر تنظيم «داعش» في 15 نيسان الماضي، قراراً بإغلاق محال الاتصالات الخاصة،المعتمدة على أجهزة اتصال فضائي والتي يرتادها السكان للتواصل الأجتماعي مع أقاربهم وذويهم في المناطق المحررة والأراضي التركية، ليصدر مع بداية شهر أيار قراراً آخر بالسماح لمقاتليه الذين أصيبوا بعاهات دائمة، بافتتاح محال اتصال في مناطق سيطرته.
وكان التنظيم في وقت سابق قد منع أجهزة البث خارج المحال، ووزعت الحسبة والشرطة الإسلامية تعميماً على أصحاب المحال والسكان، بضرورة فك جميع أنواع النواشر التي توزع «wi-fi» للمنازل، بحجة أن «أعداء الدولة يستخدموها في عملياتهم ضدها».
مشاريع صغيرة لصالح مقاتليه:
«عبد السلام» شاب من مدينة «منبج»، كان يمتلك محلاً للاتصالات تحدث لـ «زيتون» عن هذه القرارات المتتالية للتنظيم قائلاً: «بدء التنظيم بمضايقتنا منذ أربعة أشهر، حين منع الاتصالات في الرقة، وبدأ الأمنيون التابعون له بدخول مقاهي الأنترنت وبطرد الزبائن وبقطع الاتصال، كما بدأوا يفتشون الأجهزة الشخصية والجوالات، بحجة بحثهم عن مطلوبين، وبدأ التنظيم يطالبنا بدفع ضرائب شهرية عن الماء والكهرباء والنظافة، وكانت تزيد شهرياً لتصل لـ 20 الف ليرة سورية, إضافة لطلبه منا عدم طلب مقابل مادي من عناصره المشتركين، بحجة أنهم لا يملكون المال وأنهم يدافعوا عن المسلمين ويجب أن نساعدهم في تأمين كل ما يلزم للاستمرار في الدفاع عنهم».
ويضيف: «عبد السلام:» «يبدو أن التنظيم كان يبحث عن دخل مادي جديد لمقاتليه المعاقين، كي يخفف من أعباء رواتبهم الشهرية ونفقات علاجهم، فأصبح يسيطر على كل عمل خاص بالسكان، ليحصره بمقاتليه وعناصره، وقام التنظيم بإلغاء جميع المولدات الكهربائية، واستعاض عنها بخطوط كهرباء من سد الفرات، ووظف مقاتليه المعاقين أيضا لبيعها عن طريق الامبيرات، كما لو أنها شركة خاصة، الأمر الذي أدى لخلق حالة من البطالة للكثير من الأشخاص الذين كانوا يعتاشون من هذه المشاريع الصغيرة في الكهرباء والأنترنت.
وكان تقرير جديد لمؤسسة «IHS Inc « الأميركية المختصة في التحليل الاقتصادي قال, إن تنظيم داعش يعاني نزيفاً مالياً كلفه حوالي ثلث عائداته، وأجبره على اعتماد طرق جديدة لنهب أموال سكان المناطق التي يسيطر عليها.
وأوضح التقرير إن التنظيم المتشدد يفقد شهريا 30% من موارده المالية، إذ انخفضت قيمة عائداته من (80) مليون دولار شهر آذار 2015 إلى (56) مليون دولار، في الشهر نفسه من العام الجاري.
شبكات مراقَبة:
«داعش بدء بسلبنا كل ما نملك بطرق مباشرة وغير مباشرة» هكذا بدء الحاج حسين ابن مدينة الباب حديثه لـ «زيتون»، وعن اغلاق مقاهي الانترنت والذي تابع: كنا نشتري الـ «100 ميغا» ب (150) ليرة وكانت تصل الشبكة للمنزل، ونأخذ راحتنا بالحديث مع ذوينا، أما اليوم، ندفع (600) ليرة مقابل الـ «25 ميغا» فقط، وفي كل مدينة الباب لا يوجد سوى محلين للأتصال فقط، كما لا يوجد شبكة «wi-fi» خارج المحل مثلما كان سبقاً».
ويضيف الحاج حسين: «حتى الجلوس في المقاهي التي افتتحها داعش لتنفيع مقاتليه، ليست آمنة، فالشبكة مراقبة، وممكن أي كلمة خاطئة أن تودي بحياتك، أولاعتقالك كما حدث مع البعض طوال الأيام الفائتة، فأمنيو التنظيم يدخلون بشكل متكرر يجمعون الجوالات ويفحصوها، والسؤال مع من تتكلم؟ من هذا؟ أين هو؟ لماذا هرب من أرض الخلافة؟, وعليك أن تجيب عن كل هذه الأسئلة، حيث لم نعد نستطيع أن نتحدث مع أبنائنا في تركيا أو في مناطق الجيش الحر، خوفاً من سؤالنا عليهم، واعتقالنا بحجة أننا مرتدون أو نوالي المرتدين».
وكشف الحاج حسين أن التنظيم يعاني منذ مدة ليست بقصيرة، من ضائقة مادية كبيرة، أدت لفرضه ضرائب كبيرة على السكان، كان آخرها مبلغ نصف مليون ليرة سورية لمن يضبط بحوزته شريحة اتصال تركية، ومن يُضبط في منزله جهاز انترنت فضائي، يصادر الجهاز ويغرم بـ 3 غرامات من الذهب، مثلما حصل مع أحد تجار المدينة، حسبما أكد الحاج حسين.
وأكد تقرير نشرته وكالة «آسوشيتد برس»، منتصف شباط الماضي، أن التنظيم اضطر إلى خفض رواتب جميع موظفيه بنسبة 50 بالمئة.
وجرد عناصره من إكراميات كانوا يتلقونها، وبات أكثر وحشية حسب شهادات أشخاص سوريين وعراقيين في جني الأموال من سكان المناطق التي يسيطر عليها.
وكان نظام الأسد قطع كافة أنواع الاتصالات، عن المناطق المحررة، ما دفع السكان لإيجاد بدائل عن تلك الاتصالات، وكان الانترنت الفضائي إحدى تلك البدائل، من أجل تأمين تواصل للسكان مع العالم الخارجي».