تحرير زيتون
يُعد العنصر الأجنبي المسلح، أو من يسمون مجازاً بـ””المهاجرين”، من أبرز عوامل قوة التنظيمات التي تقاتل في صفوفها ضمن الأراضي السورية، سواء في الجانب المعارض للنظام أو الموالي له، إذ يتميزون بالولاء المطلق لفكرهم القتالي وعقيدتهم، والاستعداد للتضحية والموت لأجل ذلك، وبالمقابل أفرزت الحرب السورية المستمرة مظاهر استقرار لهذه العناصر القادمة من وراء الحدود، وصلت لحد تأسيس أسر وإنجاب أولاد وممارسة مظاهر مختلفة في السياق نفسه.
ورغم شح الإحصائيات حول هذا الموضوع، إلا أن المتوفر منها يشير إلى أن تنظيم “داعش” يأتي في الدرجة الأولى من حيث استقطاب المئات من العناصر المهاجرة، رغم أن التضييق مس بعض قنوات المرور، خاصة تلك المعتمدة على تركيا مؤخراً، والمعلومات المتوفرة تشير إلى استمرار رفد التنظيم بالعناصر الأجانب، وتأتي بعده جبهة النصرة من حيث عدد العناصر الأجنبية “غير السورية” التي تقاتل في صفوفه.
“نيرمين بوغدار”، ناشطة سورية من الحسكة تقول لـ”زيتون: “صعوبة كبيرة كانت تواجه العناصر الأجانب القادمين من خارج البلاد في المجتمع السوري من حيث الاندماج وبناء العلاقات، وهذا الأمر على مستوى الأجانب المنضمين لفصائل معارضة أو لقوات الأسد وميليشياته، نتيجة انزواء العناصر الأجانب في المراحل الأولى وعدم رغبتهم في التدخل في تفاصيل حياة الناس بعيداً عن الهدف الأساسي الذي جاءوا من أجله”.
وتتابع: “لكن الأمر تغير رويداً رويداً مع استمرار الصراع على ما هو عليه، وتحول عشرات المناطق إلى جبهات قتال باردة، الأمر الذي دفع هؤلاء العناصر القادمين من خارج البلاد إلى الالتفات إلى تأسيس شيء من مظاهر الحياة الخاصة بهم، فمنهم من التفت للتجارة وآخرون إلى الزواج وغيرهم إلى العمل المأجور حتى وتأسيس المصالح المختلفة، كما هو الحال في الرقة وريف دير الزور”.
وتنوه “بوغدار” إلى أن “نسبة تتجاوز 25% عناصر التنظيمات الإسلامية المعارضة والموالية الأجانب اتجهوا إلى الزواج في المناطق التي يتواجدون بها إلى جانب طرفي القتال”، وتشير هنا إلى أن “هذا الأمر يعود إلى اقتناع كل طرف بديمومة وجوده في سوريا وعدم أحقية الطرف الآخر بذلك”.
المعلومات الخاصة التي حصلت عليها “زيتون” تشير إلى أن مظاهر الاستقرار التي تتم في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد غالباً ما تكون في مناطق سيطرة الفصائل الإسلامية، لا سيما “داعش” و”جبهة النصرة” و”أحرار الشام” و”جند الأقصى”. وتوضح المعلومات أن للعرب ولا سيما الخليجيون والأردنيون والمغاربة الحصة الأكبر بهذه المظاهر، لا سيما الزيْجات، ثم تأتي العناصر الأجنبية الأخرى من غير العربية.
يقول “عبيدة جاسم” وهو ناشط من دير الزور: “عشرات العناصر الأجانب مع داعش تحديداً جلبوا زوجاتهم معهم، وهناك نسبة أخرى تزوجت من سوريا سواءًا بالضغط أو الترهيب أو الترغيب، هؤلاء في الحقيقة هن ضحايا حرب بشكل أو بأخر، ولا حيلة لديهن ولا لدى أهلهن، بالمقابل رغم قلة المعلومات حول هذا الأمر إلا أن المتوفر منها يشير إلى تأسيس عناصر أجانب عوائل لهم هنا، وإنجابهم أولاد من سوريات بمناطق سيطرتهم، وإن كانت هذه النسبة قليلة، إلا أنه موضوع حساس للغاية، كذلك في حلب بمناطق تواجد الميليشيات الموالية وصلت معلومات مشابهة لتلك السابقة، ناهيك عن امتلاك عناصر من داعش أراضي ومطاعم في الرقة وأرياف حلب والدير”.
وبحسب المصادر الخاصة لـ”زيتون” فإن نسبة لا تقل عن 97 % من مظاهر الاستقرار للعناصر الأجنبية في سوريا، تتم في المناطق التي يسيطر عليها كل من “داعش” و”جبهة النصرة” في الجانب المعارض، وتنظيمات “حزب الله” والميليشيات الأفغانية والعراقية والإيرانية في الجانب الموالي للنظام، أما بالنسبة لفصائل الثوار الأخرى، فهي حالات لم تسجل بالمطلق أو أنها غائبة إلى حد كبير.