تحرير زيتون
بين أخذ ورد، وبين تداول متعاكس للأخبار عن طريق القنوات الإعلامية الحصرية لكل من تنظيم “داعش” ونظام الأسد، لا تزال مجريات الأحداث في أرياف حمص الشرقية فيها اختلاط كبير، سيما بعد ما شهده ذلك المحور الاستراتيجي الهام من عمليات وصفها مراقبون بأنها أقرب لعمليات “تسليم واستلام” بين كلا الطرفين اللذين يدعيان قتال بعضهما هناك.
وفي حين تتحدث مصادر إعلام “داعش” عن تطورات كبيرة على جبهات ريف حمص الشرقي، مشيرة إلى تقدم كاسح لعناصر التنظيم في حقل شاعر النفطي وفي منطقة حويسيس القريبة من ناحية جب الجراح، يذهب إعلام النظام إلى رواية أخرى تتحدث عن تقدم لجيشه وميليشياته المحلية والأجنبية في ذات المناطق المذكورة، ويضيف إليها محيط تدمر باتجاه السخنة على طريق دير الزور، وعن استهدافات لتحركات “داعش” في محيط حقول النفط والغاز القريبة من مدينة تدمر.
ناهد الشامي، ناشطة من حمص تقول لـ”زيتون”: “لا أحد يعلم حقيقة ما يدور في فلك تطورات حمص الشرقية. إن ما يجري مريب بكل معنى الكلمة، هناك عمليات تبديل مواقع خفية تجري بين طرفي النظام وداعش في عدة محاور. هذا الأمر نحن نعلم أنه تم في تدمر، كما أنه حصل في مناطق القريتين ومحاور أخرى تقع قرب بلدة السخنة وفي نقاط حيوية قريبة من الأتوسترادين الدوليين حمص ـ دمشق وحمص ـ تدمر”.
وتضيف الشامي “أفرزت الأيام القليلة الماضية ذروة الاشتعال بالنسبة للمعارك الجارية في ريف حمص الشرقي، بالتزامن مع انشغال كبير في تطورات حلب ومجازر نظام الأسد فيها، إن قوات الأسد تقوم في الحقيقة بتسهيل سيطرة داعش على مواقع استراتيجية لا سيما على صعيد مستودعات السلاح، حيث تقع في أيادي عناصر التنظيم أسلحة مخيفة حالياً، وبعد أن يقوم التنظيم بالسيطرة عليها لا يلبث هو الآخر وينسحب منها معيداً تسليمها من جديد للنظام، وكأن ما يجري هو إعادة توزيع أدوار بين الطرفين”.
خطوط تماس لم تهدأ نيران المعارك فيها منذ سيطرة النظام مجدداً – بدعم الروس ومشاركتهم – على تدمر، حيث تجري تطورات مهمة في البادية السورية ككل، من محيط الضمير شمال شرق دمشق حتى الأطراف الشرقية لجب الجراح والمسعودية وأبو العليا شمال شرق حمص، مروراً بمحيط تدمر وحقلي النفط والغاز شاعر وجزل، وصولاً إلى شرق حماة.
وتتابع الشامي: “يمكن القول أن مجموع التطورات الجارية في ريف حمص وصولاً إلى تطورات البادية السورية ككل، أدت إلى تضاعف القوة التسليحية لداعش مرة على الأقل، وأنا أرجح أن يكون المصدر الأكبر للسلاح التابع للتنظيم حالياً هو من المستودعات التي سيطر ولا زال يسيطر عليها بتسهيلات مفضوحة من قوات نظام الأسد ووفق خطط تم إعدادها والتوافق عليها في غرف مظلمة”.
وكان مصادر ميدانية أفادت بتعمد تنظيم “داعش” إجراء عدة محاولات وهمية للتقدم في محيط مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، خلال الأيام الماضية، معتمداً خلالها على فتح أكثر من ثغرة على امتداد هذه الجبهة الواسعة، إلا أنها لم تحقق أي نتيجة ميدانياً، بل كانت عبارة عن غطاء أقرب للإعلامي منه إلى التطور الميداني الحقيقي.
بالمقابل، ينقل إعلام الأسد أخبارا شبه يومية عن استهدافات جوية ومدفعية لتحركات “داعش” في الريف الشرقي وعن سيطرة جيش الأسد وميليشياته على تلال ومرتفعات، كجبل عنتر وعدة نقاط ومرتفعات حاكمة في محيط مدينة تدمر، ومنها باتجاه محور آرك على طريق السخنة شرقاً، وكذلك باتجاه المحطة الثالثة جنوباً، في الوقت الذي تشير فيه مصادر متقاطعة إلى أن “داعش” كان ينسحب فعلياً من كافة المواقع ولا يقاتل فيها قتاله في مواقع أخرى، لا سيما على الجبهات التي تربطه بفصائل المعارضة المسلحة.