زيتون – سونيا العلي
كثُرَ الحديث في الأسابيع الأخيرة عن دور الدفاع المدني على امتداد سورياـ ومن أكثر ما تناقله الناس عبر مواقع التواصل، والمواقع الأخرى، صوراً تُظهر بسالة رجال الدفاع المدني في مدينة حلب، وهم ينقذون العديد من الجرحى جراء القصف الذي تعرضت له أحياء حلب, وفي أول ردة فعلٍ انتقامية قصفت طائرات النظام مركز الدفاع المدني في بلدة الأتارب بريف حلب، ما أدى لسقوط عدد من الشهداء من رجال الدفاع المدني.
ولعل الكثير من الناس لا يعرف كيف تعمل فرق الدفاع المدني المنتشرة في 8 نقاط رئيسية هي (إدلب، حلب، حمص، حماة، دمشق، الغوطة، ريف دمشق، درعا والساحل)، ثم ما لبثت أن تحولت هذه الفرق إلى جهاز موحد اسمه (الدفاع المدني السوري) وله هيكل إداري ونظام داخلي.
وللوقوف عند الأعمال التي تقوم بها فرق الدفاع المدني في محافظة إدلب التقت «زيتون» بـ «رائد الصالح» مدير الدفاع المدني في المحافظة والذي قال: «يبلغ عدد المتطوعين في إدلب حتى الآن 704 شخص متوزعين على27 مركز يعملون بشكل منظم ومتكامل، لتغطية المحافظة
بالكامل, ويقومون بأعمال رفع الأنقاض وانتشال العالقين تحتها وإخماد الحرائق وإخلاء المباني، أما في المناطق التي لم تتفعل فيها المجالس المحلية يقوم الدفاع المدني بالأعمال الخدمية كتنظيف الطرقات من آثار الدمار وإصلاح شبكات المياه والكهرباء وحماية الممتلكات العامة والثروات الطبيعية».
تأهيل الكادر والخضوع لدورات تدريبية
ويلفت المدير إلى أن الدفاع المدني في ادلب وصل إلى مستوى عالٍ من التنظيم في العمل, فهناك تنسيق مع المشافي الميدانية ومخافر الشرطة الحرة، والمجالس المحلية أيضاً، وقد خضع أعضاء الفريق لدورات تدريبية في تركيا والأردن تعرفوا من خلالها على كيفية استخدام الأدوات الخفيفة والمتوسطة في عمليات البحث بالإضافة إلى تدريبهم على عمليات الإسعاف الأولي، ومن ثم تم افتتاح مركز للتدريب في إدلب لتأهيل المتطوعين الجدد وتدريبهم على مبادئ العمل، وحاولوا ضم واستقطاب كل المنشقين عن مؤسسات الدفاع المدني والإطفاء التابعة للنظام للاستفادة من خبراتهم، كما أن ظروف الحرب القاسية ومآسي الواقع المعاش كانت كفيلة أيضاً بإكساب العناصر المعارف والمهارات والخبرات الاحترافية من أجل المضي قدماً في هذه المهنة الإنسانية النبيلة.
تطوير العمل والإمكانيات المتاحة
«سعد تناري» شاب متطوع في مركز الدفاع المدني التابع لـ «معرة النعمان» يقول لـ «زيتون»: «أمام المجازر التي يرتكبها النظام يومياً بحق المدنيين لم أقف مكتوف الأيدي وإنما بادرت بالانتساب إلى الدفاع المدني وهمنا الوحيد أنا وأفراد زمرتي أن نتمكن من السرعة في العمل لمساعدة الأبرياء ولكننا في البداية كنا نستخدم المعاول والأدوات البدائية البسيطة مما يؤدي إلى التأخر في رفع الأنقاض وبالتالي كثرة الوفيات بسبب الاختناقات أو الانهيارات، ولكننا بعد تلقي الدعم المادي من بعض المنظمات الإنسانية أصبحنا نستخدم (الكومبريسات) الثقيلة والمولدات الضخمة ومقصات الحديد و(التركسات) والرافعات بالإضافة إلى سيارات الإسعاف الحديثة وسيارات الإطفاء كما حصلنا على حقائب عمل تحتوي معدات البحث والإنقاذ الخفيفة».
الصعوبات والعمل تحت النار
وعن الصعوبات التي يتعرض لها الدفاع المدني يتحدث «أسعد المرعي» الذي يعمل مسعفاً: «من أكبر الصعوبات التي تواجه عملنا هي تعرض مراكزنا للقصف من طائرات النظام واستهداف العناصر وتدمير الآليات كما نفتقر إلى معدات البحث المتطورة التي من شأنها أن تخفض المدة الزمنية اللازمة للبحث والتي تمكننا من الكشف عن وجود جرحى أو جثث تحت الأنقاض قبل تحريكها، ومن المواقف الصعبة التي مررنا بها أننا في إحدى المرات سمعنا صوت البرميل المتفجر يهوي من الطائرة المروحية والذي أحدث انفجاراً هائلاً، فهرعت مع عناصر فريقي إلى المكان دون تلكؤ لأننا نعلم بأن هناك أناساً يحتاجون إلينا وما إن بدأنا العمل في البحث عن مصابين وشهداء حتى عادت الطائرة لتلقي على مقربة منا برميلاً آخر مما أدى إلى استشهاد ثلاثة من رفاقنا، لكن هذه الحادثة وغيرها لن تثني من عزيمتنا لأننا اخترنا طريقنا إنه طريق المتاعب والمخاطر لكنه في نفس الوقت طريق المجد الذي لا يدانيه أي مجد آخر».
«أم خالد» هي والدة الطفل جابر الذي تم انتشاله من تحت الأنقاض في «معرة النعمان» تقول: «نجا ولدي من الموت المحتم بمعجزة إلهية بعد انهيار سقف المنزل فوقه إثر تعرض منزلنا لقصف صاروخي، وبفضل همة رجال الدفاع المدني العالية وجهودهم الكبيرة استطاعوا رفع الأنقاض وإنقاذ ولدي وبعد أن كانت قدمه عالقة بين الركام تمكنوا من إخراجه وتماثل للشفاء».
وكان عناصر فريق الدفاع المدني في محافظة إدلب قد نظموا وقفات تضامن مع زملائهم في محافظة حلب، على خلفية قصف مركز الأتارب واستشهداء خمسة من طاقمه وجرح آخرين.