زيتون – محمد علاء
على أنقاض المنازل المدمرة، وعلى وقع أصوات المدفعية التي تقصف المناطق الشرقية من حلب، وعلى مرأى ومسمع من هجرتهم قوات النظام من منازلهم، جرت يوم الأربعاء 13 نيسان، مهزلة الانتخابات المعتادة في سوريا، لكن هذه المرة بطعم الدم.
قوات النظام وبعد وصول الكهرباء لمدينة حلب، قامت بتغذية مناطق سيطرتها خلال فترة الانتخابات دون أي انقطاع، وهو الأمر الوحيد الذي فرح السكان لأجله، ورأوه مكسباً من هذه الانتخابات، وفي هذا اليوم توقفت مدفعية النظام عن قصف مناطق الجيش الحر، لمنع أي ردة فعل من طرفهم، تفسد على النظام عرسه الوطني الكبير، والذي يجري على حساب 12 مليون نازح داخل سورية وخارجها، وعلى حساب دماء مئات آلاف الأبرياء، في نفس الوقت الذي يقوم على هذا العرس الوطني أناس باتوا يرون في القاتل حياتهم بل ومستعدين لفدائه حتى بأرواحهم.
السيد علاء من الأهالي النازحين لمناطق النظام، والذي يعمل بمصنع للأحذية، والمملوك لأحد قادات اللجان الشعبية تحدث لزيتون عن الانتخابات قائلاً: “تم إخطارنا في المصنع منذ عشر أيام بضرورة أن نجلب بطاقاتنا الشخصية وبطاقات عائلاتنا، وتم وعدنا بمبلغ 500 ليرة سورية عن كل بطاقة، وتم تهديد من لا يشارك بالانتخابات، وقال لنا مدير المصنع ان الانتخاب هو مقاومة للإرهاب والإرهابين، ودعم كبير لقائد الوطن، في مسيرة إصلاح البلد، وأن في تصويتنا نكون كأننا شاركنا الجيش واللجان الشعبية بالمقاومة الكبيرة”.
وأضاف علاء: “وجاء اليوم الموعود حيث تم إعطائنا إجازة مأجورة، وتم نقلنا من مكان عملنا عبر باصٍ كبير، الى مركز الانتخابات في القصر العدلي، حيث وضع صندوقين واحد للريف والأخر للمدينة، وكان المركز خالي من أي منتخبين، وقيل لنا أن ندلي بأصواتنا لمشرع معين، ثم أخذت بطاقاتنا وتم انتخاب هذا المرشح من قبل الشبيحة الموجودين بعد الاتفاق مع أمين الصندوق، وبعد الانتهاء وبينما نهم بالخروج، قيل لنا أن نصعد لنذهب وننتخب مرةً أخرى، وفعلاً تم أخذنا لمركز في مدرسة نابلس، وانتخبنا مرةً أخرى، وكان هناك تواجد لحوالي عشرين شخص يدلون بأصواتهم”.
ويرى مراقبون أن النظام يحاول أن يستفيد من هذه الانتخابات لأعطاء شرعية دولية له، خصوصاً بعد سيطرة قواته بدعم جوي روسي على مدينة تدمر وبلدة القريتين بريف حمص، وذلك بعد معارك استمرت لأيام مع تنظيم الدولة الذي أعطى للأسد سيطرة مهمة بتوقيت مهم على حسابه.
عبد السلام هو مواطن نازح من دير الزور الى مناطق سيطرة النظام بحلب تحدث لزيتون عن أجواء الانتخابات في مناطق النظام قائلاً: “رغم أني من محافظة دير الزور ولا يحق لي أن أنتخب دستورياً، الا أنهم أجبروني على الانتخاب، حيث قامت مجموعة من الشبيحة في حي الجميلية، باعتقال عشرات الأشخاص واجبارهم على التصويت لصالح مرشحين موالين لهم، ورغم إخباري لأمناء الصناديق أني من مدينة دير الزور إلا أنهم لم يبالوا وقالوا لي أن أشارك”.
وأكمل عبد السلام: “بعد خروجي من شعبة مركز مدرسة الكندي الانتخابي جاء التلفزيون السوري ومعه عناصر من الأمن، وطلبوا منا أن ننتظر قليلاً، وأجرى التلفزيون مقابلات مع عناصر الأمن بلباسهم المدني، وجعلونا نقف بطابور طويل أمام المركز، وسط شتم لنا فقط لأننا قلنا لهم أننا انتخبنا منذ قليل، وجعلونا نعيد الانتخاب مرةً أخرى أمام عدسة التلفزيون، دون أن يطلبوا منا أن نختار أي أحد، وسط قول أحدهم أن التصوير لأجل العالم فقط، فالفائزون معروفون سلفاً، وجاءت ضحكة مذيعة التلفزيون لتؤكد هذا”.
هذا ولم يغطي الاعلام العربي والدولي الانتخابات، ولم يأتي ذكرها ألا على شكل ساخر، ولم ينقل فعاليات هذا “العرس الوطني” سوى قنوات موالية للنظام، مثل قناة الميادين والمنار، والقنوات التابعة للنظام مثل الإخبارية السورية وغيرها، وقاموا بتغطية نزول بشار الأسد الذي أدلى بصوته بمكتبةٍ قريبةٍ من قصره، برفقة زوجته أسماء، المهتمة بأمور السوريين كثيراً، لكن هذه المرة تجنب مصوري النظام إظهار حذائها الفاحش السعر والذي ظهر بصورة سابقة، للسيدة التي دوماً تتابع أمور الوطن من مواقع الماركات العالمية للموضة.