زيتون – ابراهيم الاسماعيل
قصة الكهرباء ورحلة الانقطاع المستمرة رافقت مسيرة الثورة السورية منذ البداية، كان التقنين يحط رحاله في المناطق التي تخرج عن الطاعة، إن كان بسبب القصف وعطب الشبكات أو بسبب عدم دفع الأجور المترتبة عليها من قبل المواطنين، كل ذلك عقوبةً لهم وانتقاماً منهم على العصيان.
ساعات التقنين المتزايدة والأيام والليالي الطويلة التي مرت بها فصول الأعوام السابقة، تكررت باستمرار، حتى بلغت في بعض المناطق أن تم قطعها بالكامل عن الأهالي وخصوصاً عن القرى والأرياف المحررة.
واستطاعت إدارة الخدمات في محافظة ادلب في الآونة الأخيرة وبمساعدة من الفصائل المقاتلة، أن تستجر الكهرباء من ريف حماة الشمالي لتوصلها إلى الأهالي في محافظة ادلب وريفها المحرر، بغرض تزويد محطات المياه والأفران والمشافي والمعامل الخاصة والآبار الزراعية.
ووقعت إدارة الخدمات العامة التابعة لجيش الفتح في محافظة ادلب اتفاقاً مع مديرية الكهرباء التابعة للنظام في مدينة حماة بوساطة من الهلال الأحمر السوري، ينص على مد خطوط الكهرباء الإنسانية إلى ريف ادلب، عن طريق الخط الممتد من قلعة المضيق إلى منطقة الشيخ إدريس القريبة منها.
في عملٍ مشترك بين إدارة الخدمات العامة في محافظة ادلب ومديرية الكهرباء في محافظة حماة، قامت الورشة التابعة لمديرية الكهرباء، بإصلاح بعضاً من الخطوط الممتدة على طريق الخط الكهربائي باتجاه محطة كفرعين في ريف ادلب، لتصل الكهرباء إلى المحطة أخيراً، وتم توزيع خطوطٍ إنسانية للقرى والبلدات القريبة في الريف الجنوبي للمحافظة لفترة تصل إلى 15 ساعة يومياً.
« عمر الحاج « أحد الناشطين الميدانيين في ريف ادلب الجنوبي، قال لـ «زيتون»:
«تم ايصال الكهرباء الى عدد من القرى لتشغيل آبار المياه فقط، وهي: معرة حرمة – والشيخ مصطفى – ومدايا – وكفرسجنة، وعدد آخر من القرى القريبة، كما سيتم تزويد الآبار الزراعية في المنطقة مقابل أجور مشابهة للتي كان يدفعها المالك مقابل التشغيل بالمحروقات»
تعتبر الخطوة مهمة جداً للمناطق المحررة، فالانقطاع المستمر الذي شهدته المناطق المحررة منذ قرابة العامين حتى الآن أنهك الأهالي، وقد أتت الكهرباء الأن كالفرج لهم، ولا سيما إن أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع أسعار المحروقات والغلاء الكبير الذي تشهده المناطق المحررة بسبب ارتفاع الدولار إلى فرض ضغوطٍ كبيرة على المدنيين وأصبح من الصعب تأمين قيمة اشتراك المولدات لشهرٍ واحدٍ أو أكثر.
“الحاج أبو محمد” مدنيٌ من ريف ادلب الجنوبي يقول في حديثه:
« انقطاع الكهرباء الدائم أدى إلى إحداث ضرر كبير بالمحال التجارية التي تحتاج إلى كهرباء مستمرة، ما أجبر العديد من أصحابها إلى اغلاقها، كما ترك السواد الأعظم من العائلات الفقيرة تعيش في الظلام لعدم قدرتها على دفع مستحقات الاشتراك الخاص للكهرباء»
وأكد الحاج على أهمية الخطوة التي ستقوم بها إدارة الخدمات بإيصال الكهرباء إلى المحطة الكهربائية في مدينة ادلب لتعمل على تغذية المدينة انسانياً، اضافةً إلى عددٍ من القرى القريبة منها، وذلك باستخدام محطة بسيدا كخط وصلٍ شمالاً.
وقال أحد العاملين بمديرية الكهرباء في محافظة ادلب أن وقتاً طويلاً يقضونه في إصلاح الأعطال من أجل وصل الكهرباء إلى المحافظة، وأن هناك ضغطاً كبيراً عليهم لحاجة المحافظة لإصلاح الأبراج المتهدمة، وأكد العاملون في المديرية على استمرارهم في محاولة الإصلاح والعمل على جر الكهرباء لكل المناطق التي يمكن أن تصل لها الخطوط الإنسانية.
فهل ستصل الكهرباء يوماً ما إلى كل بيتٍ كسابق عهدها، برسم معقول يستطيع الجميع دفعه، هذا الأمل يحتاج إلى الوقت والعمل والمتابعة على حد وصف والقائمين على سير العمل.