جريدة زيتون
زيتون – ابراهيم اسماعيل
على مدى خمس سنوات، خلفت هذه الحرب أعداداً كبيرة من الشهداء الذين تركوا خلفهم أطفالاً ونساءً دون معيل أو مساعد، وبسبب صعوبة الأوضاع وازديادها سوءاً كان من الضروري إيجاد الجهات المساعدة لإعالة هذه الأسر.
ظهرت الجمعيات والمنظمات الخيرية بشكل كبير وكانت الشريحة المستهدفة بشكل دائم عوائل الشهداء وأطفالهم، من كفالات لليتيم ومساعدات مالية لزوجة الشهيد ومساعدات غذائية للأسرة، عملت هذه المساعدات على تيسير أمور الكثير من العائلات في المناطق المحررة.
لكن استمرار رحى الحرب في سوريا ظلت ترفد الشهداء وأيتامهم بأعداد جديدة، ما شكل ضغطاً على منظمات العمل الاغاثي، وجعل من العمل على تغطية الحالة السورية أمراً مستحيلاً.
كفالات الأيتام ودورها الفاعل في مساعدة أسر الشهداء
تقدم الجمعيات الخيرية والمنظمات الإغاثية مبالغ مالية شهرية للأيتام يطلق عليها «كفالات الأيتام» والتي يتم منحها لأبناء الشهداء المرشحين من قبل المجالس المحلية أو التنسيقيات الثورية المعنية بالخدمات الإنسانية، وتوزع هذه الكفالات بشكل شهري على أبناء الشهداء بالإضافة الى تحديث هذه القوائم لمواكبة الأعداد الجديدة من الأيتام.
استطاعت هذه الكفالات تقديم الإمكانية لاستمرار حياة هذه الأسر، وتأمين احتياجات هؤلاء الأطفال لحمايتهم من الضياع والتشرد.
أم محمد «35» عاماً في حديثها عن الكفالات المقدمة لها قالت: «استشهد زوجي في قصف طال البلدة من الطيران الحربي، كان المعيل الوحيد لي ولأولادي الثلاثة (محمد – غالية – احمد)، كان يعمل في مجال المحاماة، قدمت لنا جمعية ساند الخيرية كفالة لأولادي لكنها لم تستمر سوى مدة قصيرة ومن ثم انقطعت ولم اعرف السبب واليوم تقدم لي جمعية أخرى كفالات مالية أذهب لإحضارها من مدينة كفرنبل».
هل يحصل جميع الأيتام على الكفالة؟
تتفاوت الإجابات بتفاوت الأوضاع من قبل هذه الأسر، فالبعض منهم يأخذ كفالات مستمرة، لكن قسماً منهم لم يحصل عليها أبداً.
أبو أحمد المسؤول عن عملية الإحصاء في المجلس المحلي لقرية الشيخ مصطفى في ريف ادلب، أفاد لزيتون أن عوائل الشهداء كلها مكفولة من قبل منظمة اغاثية واحدة أو عدة منظمات مشتركة، دورنا يكون في التدقيق على الأسماء الواردة في القوائم المقدمة للكفالة، حرصا على وصول الكفالات الى جميع الأيتام ولكي لا يحرم أحد ويحصل الأخر على كفالتين.
أم صدام «32 عاماً» استشهد زوجها في ريف حلب في القصف بالطيران المروحي نزحت الى تركيا مع عائلتها برفقة ابنها الصغير «صدام» قالت:
« بعد وفاة زوجي بقيت في مدينة حلب ولم أحصل على كفالة لابني الوحيد بسبب عدم وجود اسم لصدام في الجمعيات المعنية، وبعد خروجي الى تركيا مازلت أبحث عن جمعيات تقدم كفالات لأولاد الشهداء والى الآن لم استطع تأمين كفالة له»
تختلف نوعية الكفالة المقدمة لأولاد الشهداء فبعضها يكفل الطعام والشراب واللباس والتعليم و الصحة، وتبلغ قيمة هذه الكفالة شهريا «90 دولار أمريكي»، أما النوع الآخر فهو كفالات الطعام والشراب فقط وتبلغ «50 دولار أمريكي» بحسب المعلومات التي أفادنا بها السيد «أبو أنس» مسؤول قسم الأيتام في مؤسسة «اعمار الشام الإنسانية» والتي تقدم هذه الكفالات بنوعيها في الغوطة الشرقية المحاصرة.
وأضاف السيد أبو أنس عند سؤالنا له عن مدة الكفالة: «تعتبر هذه الكفالات كرواتب شهرية تقدم الى أبناء الشهداء الذين لم يتم كفالتهم من قبل منظمات أخرى، استطعنا تأمين دفع هذه الكفالات لمستحقيها منذ سنتين الى الآن، وسنستمر في تقديمها لأنها كفالات مستمرة وليست لمرة واحدة كما يحدث في بعض المنظمات الأخرى».
ماذا يقدم لليتيم غير الكفالات المالية والمساعدات؟
تعمل المجالس المحلية والمنظمات الاغاثية على تقديم المساعدات المعيشية كالمواد الغذائية واللباس الشتوي والصيفي لأولاد الشهداء وأسرهم بشكل دوري، حيث تقوم المجالس المحلية في المدن والبلدات في المناطق المحررة بتوزيع هذه المساعدات عند ورودها أو تزويدهم بها من قبل منظمات اغاثية عربية وأجنبية، أيضاً تمتاز هذه المساعدات بعدم انتظامها وتقطعها أحياناً.
ابراهيم زيدان ناشط اعلامي واغاثي من ريف ادلب حدثنا عن المساعدات المقدمة وآلية التوزيع: «يتم تقديم المساعدات كسلال اغاثية للمجالس المحلية في البلدات والتي بدورها تقوم بتوزيع هذه السلال على عوائل الشهداء في المرتبة الأولى والعوائل الفقيرة أيضاً والتي تم إعداد سجل خاص بها في كل قرية أو مدينة، بالإضافة الى المساعدات المالية المنفصلة عن كفالة اليتيم والتي يتم تقديمها من متبرعين من الخارج السوري».
تبقى المأساة السورية أكبر من أن تحتويها أية مساعدات إنسانية أو اغاثية كما لا يزال السوري ينتظر حلم السلام والحرية التي مات من اجلها أكثر من نصف مليون.
