نتذكر جيدًا وبألم عميق، كيف ركب اللاجئون السوريون ومعهم أطفالهم مجبرين قوارب الموت، ليهربوا من موت محقق، إلى موت محتمل، هربًا من نيران الحرب في بلادهم، متجهين من سواحل تركيا ليلاقوا حتفهم في مسلسل الغرق المأساوي على سواحل اليونان، البوابة الرئيسية لعبور اللاجئين الى أوروبا.
بعض المعطيات أظهرت في السنوات الخمس الماضية، أن ما بين 22 ألفًا و25 ألفًا لقوا مصرعهم، في أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، عبر المناطق الساحلية في تركيا في بحر إيجه والبحر المتوسط، حتى بات البحر أشبه بالقبر لهؤلاء الهاربين!.
كان هناك استنتاج أوروبي، بأن المهربين ومافيا الإتجار بالبشر، لن يتراجعوا عن تنظيم هذا التدفق الهائل للاجئين نحو أوروبا بقصد ربحهم المادي، إلى درجة أن الاتحاد الأوروبي أصبح بدوره يعاني من أزمة اللاجئين، التي جعلت سبع دول أعضاء تعيد فرض الرقابة على حدودها، وخمسًا منها تبني حواجز وجدرانًا بينها وبين الدول غير الأعضاء.
مما أوشك على هز المنظومة الأوروبية برمتها، الاتحاد الذي عقد خلال عام واحد سبع قمم لحل أزمة لاجئي سوريا، لم ينجح في الوصول الى الحل المناسب، وصرح بأنه يؤمن بأن حل هذه الأزمة، سيتم من خلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
فاتفقت تركيا ودول الاتحاد الأوروبي على النقاط الأساسية لاقتراح قدمته لرؤساء دول الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع المجلس الأوروبي بشأن أزمة اللاجئين، الذي انعقد في 17 و18 مارس/ آذار المنصرم، وذلك بعد القمة التركية- الأوروبية التي عقدت في بروكسل مؤخرًا قبل عدة أسابيع.
وقد سعى رؤساء الاتحاد الأوروبي في هذه القمة، إلى التقليل من تدفق اللاجئين عبر تركيا إلى دولهم بشكل غير شرعي، وذلك عن طريق دعم الحكومة التركية ماليا بمبلغ 3 مليار يورو، لزيادة قدرتها على استيعاب اللاجئين، واستهداف شبكات تهريبهم إلى أوروبا، ويتبعه استئناف مفاوضات ضم تركيا للإتحاد الأوروبي، وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول.
بالمقابل أيد قادة الاتحاد الأوروبي المقترح التركي، والذي تضمن إعادة المهاجرين غير الشرعيين، الذين يتوجهون من الأراضي التركية إلى الجزر اليونانية، اعتبارًا من تاريخ 20 آذار/ مارس، في حين يستقبل الاتحاد الأوروبي لاجئًا سوريًا، مقابل كل لاجئ تتم إعادته إلى تركيا.
وذلك وفق الاتفاقية التي وقعت بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، خلال القمة التركية-الأوروبية، التي وقعت في العاصمة البلجيكية “بروكسل” بتاريخ 18 آذار/ مارس 2016م.
ومن المقرر أن توطّن أوروبا لاجئًا سوريًا من الموجودين في تركيا، مقابل كل لاجئ تعيده إلى تركيا ممن وصلوا إلى أوروبا، غير أن استقبال أوروبا للاجئين السوريين لن يتخطى الـ72 ألفًا في العام الجاري، على أن يتم إيقاف العمل بهذه الآلية حال تجاوز العدد المذكور.
كما أن الاتحاد الأوروبي سيعطي أولية لتوطين اللاجئين السوريين في تركيا، ممن لم يدخلوا أوروبا، أو لم يحاولوا الدخول إليها بطرق غير قانونية.
وقد دخل الاتفاق حيز التنفيد، حيث كانت أول دفعة من المهاجرين المرحلين قد وصلت إلى أحد موانئ مدينة إزمير التركية، حيث أرجعت السلطات اليونانية، صباح أمس الأثنين، الدفعة الأولى من اللاجئين إلى الأراضي التركية، وضمت الدفعة 131 مهاجرا، أغلبهم من الباكستانيين، ممن كانوا يقيمون في مخيم “موريا” بجزيرة ليسبوس اليونانية.
وفي المقابل أرسلت تركيا أول دفعة من اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها إلى ألمانيا، ووفقا للمعلومات الصادرة عن السلطات التركية، فإن قرابة 40 سوريًا بينهم وأطفال ونساء، انطلقوا أمس الاثنين من مطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول، إلى مدينة هانوفر الألمانية، بعد أن أتموا إجراءات جوازات السفر في المطار.
وبهذا أعلن الاتحاد الأوروبي أن تركيا، مع استقبالها أول دفعة مهاجرين مرحلين من اليونان، يوم الاثنين، أوفت بجميع واجباتها القانونية المنبثقة عن اتفاق إعادة قبول المهاجرين، الموقع بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
المتحدث الرسمي باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي، مارغريتس شيناس، قال في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة البلجيكية بروكسل، الاثنين، إن إعادة المهاجرين من اليونان إلى تركيا، تُعد الخطوة الملموسة الأكبر للاتفاقية المذكورة.
وأوضح أن تركيا أرسلت، 43 لاجئا سوريا إلى أوروبا، 32 منهم إلى ألمانيا، و11 إلى فنلندا، وكما صلت إلى هولندا اليوم الثلاثاء، مجموعة من 31 لاجئا سوريا، قادمين من تركيا، وتم اتخاذ الإجراءات الأولية مع المجموعة، التي لم يعلن عن المطار الذي هبطوا فيه، ومن ثم نُقلوا إلى مركز خاص للاجئين.
المصدر : ترك برس