تحرير – زيتون
منذ بدء الهدنة في يوم 27 شباط 2016 في سوريا، لم يعد جزء كبير من السوريين يستيقظون على أصوات البراميل، أو على أصوات انفجارات الصواريخ التي تلقيها الطائرات الحربية، وباتوا اليوم يعيشون أياماً شبه هادئة، بسبب توقف النظام عن استخدام أدوات إجرامه وتوقفه عن قصف المدنيين في مدينة حلب، التزاماً بالهدنة، إلا من بعض الخروقات التي يقوم بها بين الحين والأخر؟
الهدنة التي كان لها مؤيدون كونها ستحمل وقفاً للقصف والمجازر اليومية، كان لها أيضا معارضون بسبب ضبابية المناطق التي ستدرج بالهدنة، وبسبب استثناء جبهة النصرة منها، ما سيكون حجةً لقصف مناطق مدنية كون النصرة منتشرة بجميع المناطق المحررة، وهناك من حذر منها كي لا تكون باباً من أجل فرض المصالحات “الوطنية” التي هي “أشبه بالاستسلام والرضوخ” لحكم نظام بشار الأسد، وعودة خمس سنوات للوراء بحسب وصفهم.
الناشط الإعلامي “ماهر أبو الوليد”، أكد أن النظام لم يلتزم بالهدنة بحجة وجود النصرة، ولا يزال يقصف ريف حلب الشمالي، ومناطق أخرى بريف ادلب وريف دمشق، وقال أبو الوليد: “أنا ضد الهدنة كونها استثنت جبهة النصرة وأبقتها كحجة لقصف محتمل كما أنها لا تشمل كامل الأراضي السورية، لا أنكر أن نسبة 90% من الشعب مرتاح في الهدنة، لكن سقط خلال هذه الهدنة عدة شهداء، وكل شهيد يرتقي في القصف أثنائها، دمه في رقبة كل من وقع ورضي بها”.
وأضاف أبو الوليد “الهدنة لعبة دولية روسية، والنظام في دمشق هو المستفيد الوحيد منها، فهو يقوم بترتيب أوراقه ويحشد قواته كلها ضد تنظيم الدولة، ليحقق انتصارات، ويظهر للعالم أنه الوحيد الذي يحارب الإرهاب، وهذا ما حصل مؤخراً بتدمر، وبمجرد الانتهاء من تنظيم الدولة، سيحول قوته كلها إضافة للدعم الدولي، ضد الثوار الذين لا يزالون مختلفين ولا يتلقون أي دعم جدي على عكس قوات النظام والقوات الكردية”.
لكن ما ارتاح الحلبي من قصف الطائرات حتى تعرض لقصف قد يكون أشرس فلقد شهدت الليرة السورية انهياراً كبيراً في سعر الصرف أمام الدولار في كامل الأراضي السورية ومنها حلب، حيث وصل سعر الصرف الى 520 ليرة لكل دولار، ما أدى لارتفاع مخيف بأسعار المواد الغذائية، وأثر على حياة السكان البسطاء في المدينة، قبل أن تكتمل فرحتهم بوقف القصف.
وتحدث الناشط الإعلامي عمر عرب لزيتون عن أحوال المدنيين في المدينة قائلاً: “أصبح أهالي مدينة حلب بعد دخول أول أيام الهدنة في حذر شديد، نظراً لعدم ثقتهم بالنظام، ولكن بعد مرور أكثر من يوم تخلوا عن حذرهم وعادوا الى حياتهم واعمالهم، بدون صوت البراميل التي اعتادوا عليها”.
وأكمل عرب “أصبحت الأسواق مزدحمة بشكل كبير من قبل المدنيين وأقبل الناس على شراء الحاجيات وعادت الحياة بشكل ما، ولكن كان لهم الغلاء بالمرصاد، بسبب ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الليرة السورية، ولكن مقارنة بالقصف السابق، يمكن أن نقول إن حلب تعيش أيام نادرة لمن عاش بها خلال الخمسة سنوات الماضية من القصف والمجازر اليومية التي صنفت فيها حلب أخطر مدينة في العالم”.
المقاتل بصفوف الجيش الحر أبو إبراهيم، أكد أنه مؤيد للهدنة الى حدٍ كبير، مؤكداً أنه يتوجب على الجيش الحر الرد على خروقات قوات النظام للهدنة، كي لا يظن أن الثوار سيلتزمون بها في حين يستطيع أن يخرقها بين الفينة والأخرى، وتحديث أبو إبراهيم لزيتون قائلاً: “نعم أنا مع الهدنة كي نرتب أوراقنا، ومن أجل رص صفوفنا، ويجب علينا أن نعمل على ذلك في سبيل الثورة، كما أني مع الهدنة لأني بدأت أشاهد الراحة على وجوه الناس في مدينة حلب، وبدأت أرى الأطفال يلعبون بشيء من الاطمئنان من أن تأتي طائرات النظام وتقصفهم، وتقصف مدارسهم، وهو حق يجب أن يكون دائم لهؤلاء الأطفال”.
ويضيف أبو إبراهيم بحزن: “بدل أن يقوم الثوار بالعمل على تجهيز أنفسهم ورص صفوفهم كما فعل النظام، تراهم اليوم مختلفين ومقتتلين فيما بينهم، فهذا الفصيل يعتقل من عناصر الفصيل الاخر، وهذه الكتيبة تعلن حرباً على الأخرى، وأمثلةً كثيرةً لا تعد ولا تحصى عن حالنا السيء وفشلنا وفرقتنا المقيتة”
وكانت جهات حقوقية قد وثقت انخفاض في عدد القتلى وتراجع حدة القصف والعنف في شهر واحد خلال الهدنة الحالية، فقد بلغ عدد القتلى في الشهر الثالث من العام الماضي 2328 شخصاً في حين بلغ عددهم في نفس الشهر من العام الحالي 646 شخصا في سوريا.